تحت وطأة المفاجأة شبه المعلومة التي تمخّضت عنها نتائج الدورة الاولى الرئاسية في ​فرنسا​ يتحضّر الفرنسيون للدورة الثانية منها. الانتخابات الحامية في ​باريس​ يقابلها في لبنان ضياع وترقّب حول مصير القانون الذي على أساسه من المفترض ان تجري الانتخابات النيابية المقبلة.

في الواقع لا ترابط موضوعياً بين الانتخابين، ولكنّ الطبقة السياسية في لبنان والتي يخيفها أيّ تبدّل للمزاج الشعبي حتى ولو في أقاصي الارض تراقب النتائج الفرنسية كما غيرها وتبدي امتعاضاً وتخوّفاً من ان تؤثر هذه التبدلات في الرفض المطلق للأحزاب التقليدية على مزاج الناخب اللبناني وخياراته. فكتاب هذه الطبقة واضح لناحية تأثر الداخل اللبناني بكل تبدّل او ثورة يقعان في العالم، خصوصاً الغربي منه.

لذلك تبدو خريطة الطريق التي ستوصل الى الانتخابات واضحة امام اركان السلطة:

- فإمّا الاتفاق على قانون يصفّي كل لاعب جديد من خارج السرب قبل مشاركته في اللعبة الديموقراطية وذلك باسم المحافظة على حقوق الطوائف او استعادة لحقوقها، وبالتالي اقتصار المنافسة على اعضاء النادي السياسي التقليدي، وما نشهده اليوم ما هو إلّا محاولة لتحسين شروط كل فريق، وهذه القوانين «حاضرة ناضرة» تحتاج فقط الى تجميل وتهذيب وتشذيب تحت مسمّيات عديدة، كالمختلط، والتأهيلي، وغيرهما من القوانين الغريبة عن كل ديموقراطيات العالم.

- وإمّا في حال بقي الخلاف على تدوير الزوايا بين اركان السلطة، ومنعاً للاحراج المتبادل يجتمع المجلس النيابي فور انتهاء مفعول المادة الدستورية 59 التي استعملها فخامة الرئيس ويعمل على التمديد لنفسه، وفقاً للمشروع المعجّل العالق أمامه،على ان يؤكد على قراره هذا مرة ثانية فور اعادة القانون اليه من قبل فخامة الرئيس في المدة التي أجازها له الدستور وهي خمسة ايام.

ومن ثم وحينما يطعن امام المجلس الدستوري بقانون التمديد، يقبل المجلس الطعن ويفسخ القانون معتبراً إيّاه غير دستوري، طالباً اجراء الانتخابات وفق القانون الساري المفعول، أي قانون الدوحة الانتخابي او قانون الستين الشهير، فيخضع الجميع لرغبة هذا القرار وتُجرى الانتخابات على اساسه بعد تمديد تقني حفاظاً على المهل... واستعداداً لتوزيع المقاعد النيابية بين اركان سلطة كرتونية تخاف من شعبها ومن أن تنظر الى مرآة الديموقراطية الحقيقية.

قد يقول البعض إنّ هذا السيناريو خرافي لفيلم واقعي ربما... ولكن هل يستطيع ان يشرح لنا أحد من اركان الحكومة اسباب عدم انعقاد جلسات لها؟ أليس تهرّباً من ايجاد قانون جديد وحديث يليق بنا؟ ولماذا لا تتحرّك اللجنة الوزارية المكلفة شؤون إقرار قانون جديد للانتخابات وهي التي يطبّق عليها المثل القائل «اللجان مقبرة المشاريع»؟ ولماذا هذه السرية في مقاربة موضوع من المفترض ان يكون علنياً كونه يطاول الجميع وتعنى به كل الفئات؟

هذه الاسئلة وعدم الاجابة عنها يؤكد السنياريو أعلاه حتى إثبات العكس، ويخطئ من يظن أنّ الطبقة الحاكمة مختلفة في ما بينها... هي متّفقة الى أقصى الحدود في المحافظة على وجودها، امّا خلافها اذا وجد فهو على جلدنا...