رغم الهجمات الإرهابية التي إستهدفت المسيحيين في مصر، أصر ​البابا​ فرنسيس على إستكمال زيارته الأولى إلى أرض الكنانة، تلبيه لدعوة الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ وشيخ الأزهر ​أحمد الطيب​ وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية تواضرورس الثاني، في رسالة سلام تؤكد على رفض الخضوع إلى تهديدات الجماعات المتطرفة، التي تسعى إلى زرع بذور الفتنة والتفرقة في الشرق.

وفي حين لم يُكشف الكثير عن برنامج هذه الزيارة الذي من المفترض أن يبقى سرياً بسبب التهديدات الأمنية، من المقرر أن يلقي ​البابا فرنسيس​ كلمة له في ختام "مؤتمر الأزهر العالمي للسلام" في مركز الأزهر للمؤتمرات بضاحية مدينة نصر عقب زيارة مرتقبة له لمقر مشيخة الأزهر بالدراسة، ثم حضور حفل تنظمه مؤسسة الرئاسة المصرية على شرفه في أحد فنادق القاهرة بحضور كبار المسؤولين المصريين، وعقب الحفل سيزور الكاتدرائية المرقسية بالعبّاسية حيث سيلتقي بالبابا تواضروس الثاني، ويعقد اجتماعا مع مجلس كنائس "أم الدنيا"، وسيرأس قداسا في الكنيسة البطرسية لإحياء ذكرى ضحايا التفجير الإرهابي الذي حصل فيها في كانون الأول الماضي.

في هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المصري إميل أمين، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه الزيارة تعكس الإصرار على محاربة قوى الشر في مصر والعالم العربي، ويلفت إلى أنها تؤكد دعم الكرسي الرسولي للإجراءات الأمنية والسياسية المعتمدة في القاهرة، بالإضافة إلى دعم المسيحيين العرب في الشرق ومصر خصوصاً من أجل البقاء في أوطانهم لأن الجماعات الإرهابية تريد تهجيرهم.

ويشير أمين إلى أن هناك ترحيب لافت بالزائر الكبير من مختلف فئات الشعب المصري، ويوضح أن هذا الأمر يظهر من خلال الإستعدادت الشعبوية والنخبوية القائمة، ويؤكد أن هناك ما يكفي من الإجراءات الأمنيّة لحفظ أمن وإستقرار مصر في هذه الزيارة وفي كل الأوقات، ويوضح أن التأمين الأهم هو من عموم المصريين الذين يرفضون التطرف ويريدون الحفاظ على أمن بلدهم.

من جهة ثانية، يكشف أمين أن الكنيسة القبطية تُعِدُّ وثيقة مهمة جداً، ستكون بمثابة زلزال لاهوتي، سيتم توقيعها من قبل البابوين فرنسيس وتواضرورس الثاني خلال هذه الزيارة، تتعلق بالإعتراف المتبادل بالمعمودية بين الكنيستين. وقد حصلت "النشرة" على النص الذي سيتم التوقيع عليه: "طاعةً لعمل الروح القدس الذي يقدس الكنيسة ويحفظها عبر العصور ويقودها لتبلغ الوحدة الكاملة التي صلى المسيح من أجلها، نحن اليوم البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني كي نسعد قلب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وكذلك قلوب أبنائنا في الإيمان، نسعى جاهدين بضمير صالح نحو عدم إعادة سر المعمودية الممارس في كنيستينا للشخص الذي يريد الإنضمام للكنيسة الأخرى حسب تعاليم الكتاب المقدس وإيمان المجامع المسكونية الثلاث في نيقية والقسطنطينية وأفسس. نطلب من الله الآب ان يقودنا في الأوقات وبالطرق التي يريدها الروح القدس إلى بلوغ الوحدة التامة لجسد المسيح السري".

على هذا الصعيد، أوضح رئيس دائرة الاعلام في مجلس كنائس الشرق الأوسط أمين سر اللجنة ‏الأسقفية لوسائل الاعلام ​الأب يوسف مونس​، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الحدث سيكون بالغ الأهمية على مستوى السعي إلى توحيد الكنيسة، ويؤكد أنه سيكون له تداعيات كبيرة على مستوى الإعتراف بالآخر، ويضيف: "النص الذي سيتم توقيعه سيكون مهما جداً على مستوى توحيد الحركة المسكونية".

في المحصلة، يحمل البابا فرنسيس في زيارته اليوم إلى "أرض الكنانة" رسالة سلام في مواجهة الحركات المتطرّفة، أصر عليها رغم كل التهديدات الإرهابية التي ترجمت باستهداف الكنائس في مصر أكثر من مرة في الفترة الأخيرة.