كيفما تمّ تقليب الصيغ الانتخابية المطروحة، لا تحوي أيّ منها وجهاً صالحاً، يمكن أن يشكل مدخلاً لسنّ قانون جديد للانتخابات يحقق صحة التمثيل وعدالته. وما هو ثابت أنّ النقاش في الكواليس يدور حول صيغ طائفية على حساب المواطنة مفهوماً وممارسة، كما تكرّس جهوية استبدادية ضمن الطائفة الواحدة، ما يعني أنّ لبنان ذاهب باتجاه نظام «القبائل» وتشريع البلطجة الطائفية بعناوين ديمقراطية.

ولأنّ «القبيلة» في لبنان ضالة كلّ طالب سلطة، ولأنّ السلطة هي الطريق إلى الفساد ومراكمة الثروات ورؤوس الأموال، على حساب حقوق الناس وأرزاقهم، فإنّ القابضين على السلطة، لهم وحدهم امتياز تجاوز القوانين، ومخالفة الدستور.

كلّ القوى في لبنان تدرك أنّ القانون العادل الذي يضمن صحة التمثيل، هو الذي يجعل من لبنان كله دائرة انتخابية واحدة، على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي، لكن هذه القوى بمعظمها لا تريد الوصول الى قانون عادل. فهي تخشى المواطنة الكاملة، وتخشى الحقوق المتساوية للأفراد في النطاق الاجتماعي الواحد، حقوقاً واحدة مطلقة لا تميّز بين هذا وذاك على أساس طائفته أو مذهبه.

ولأنّ الخشية قائمة من قانون جديد يشكل نقطة ارتكاز في مسار بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والقادرة والقوية، فقد لا يتمّ التوصل الى قانون جديد للانتخابات، حتى يبقى القديم على قدمه، بفعل قانون ستيني جاهز لكلّ زمان ومكان.

ولأنّ الخشية قائمة من قيام دولة المواطنة، فسيبقى الخلاف قائماً. والخلاف ليس على قانون انتخابات هنا أو مرشح هناك، بل هو خلاف حول الثوابت والخيارات، وحول تحديد مَن هو الصديق ومَن هو العدو، وحول التمييز بين المقاوم الشريف والعميل الخائن، وهذا ما يتجلى واضحاً في الوقت الراهن، حيث يجاهر البعض بفعل العمالة للعدو الصهيوني، وتشريع الخيانة.

من هنا تبدو الصورة أكثر وضوحاً، فهناك جهات تستفيد من تعميق الشرخ على خلفية علنية اسمها قانون الانتخاب، في حين أنّ المستتر هو محاولات البعض إضاعة الاتجاه الصحيح للبوصلة الوطنية، بحيث تصبح العمالة وجهة نظر، والخيانة أمراً لا عيب فيه، في محاولة يائسة وبائسة لتبييض صورة سوداء متفحّمة، لعميل خان بلده بالفعل والصوت والصورة، دسّ الدسائس ضدّ شعبه لفوز قوات العدو الصهيوني.

آن الأوان لقول الحقيقة كلّها بأن عودوا الى الدستور وإلى القانون لتجدوا أنّ العمالة للعدو فعل خيانة، وأنّ من يواجه فعل الخيانة إنّما ينتصر لعزة شعبه وكرامة بلده، وهذا البلد لبنان يستحقّ قانوناً جديداً عادلاً للانتخابات وعدالة تجعله خالياً من آفة العمالة وآثام الخيانة.