يمرّ الوقت ثقيلاً على اللبنانيين في ظل تكرار الحديث المملّ عن ​قانون الانتخاب​ وما ستسفر عنه الاتّصالات الجارية حتّى الساعة، وإذا كان اللبنانيّون أصيبوا بداء السأم، الّذي لا علاج له مع تربّع الطقم الّذي انتهت تاريخ صلاحيته حتى الساعة وهو يبحث في قوانين انتخابيّة لم ترَ النور فإنّ للحديث صلة...

وفي هذا السياق، رأت مصادر سياسية ونيابية متابعة لملف قانون الانتخاب ان اجتماع اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وعضوية ممثلي القوى الاساسية المشاركة في الحكومة اليوم الثلاثاء يمكن ان تحمل اخبارا سارة، حيث من المتوقع ان تنجح في تدوير الزوايا والاتفاق على قانون تضعه بندا على جدول اعمال جلسة الحكومة المقبلة، تمهيدا لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي قبل الخامس عشر من أيار الحالي.

ورأت المصادر ان هذا هو أقصى ما يمكن ان يدعو الى التفاؤل بامكانية خروج البلاد من دوامة الصيغ الانتخابية التي طرحت منذ تشكيل حكومة الحريري .

لكن هذا التفاؤل وبحسب مصادر وزارية يقابله تشكيك في إمكانية حلحلة العقد، التي ما زالت تعرقل صيغة قانون مقبولة من الجميع.

وتقول هذه المصادر انه بغض النظر عن الفتاوى الدستورية المتعلقة بالمهل، او بما ستؤول اليه الاوضاع اذا ما وصلنا الى نهاية حزيران المقبل من دون قانون توافقي، فالمطلوب عمليًّا للانتهاء من هذه المعضلة الامور التالي:

1-ان تعلن الزعامات الأساسية، وهي معروفة ولا يزيد عددها عن الخمسة، ما اذا كانت فعلا تريد انتخابات نيابيّة جديدة على أساس قانون جديد يراعي التمثيل الصحيح لكل الطوائف، أم أنها أو بعضها يرى من المبكر تحديد الخريطة السياسية للبنان عبر انتخابات نيابية ما دامت الاوضاع الإقليمية غامضة وضبابية خصوصًا بالنسبة للاوضاع في سوريا.

2-اذا كانت هذه القوى تريد فعلا انتخابات نيابيّة في موعدها وعلى اساس قانون جديد، فعليها ان تبدأ اليوم قبل الغد في اختيار طريقة صحيحة وجدية وصادقة، تؤدي الى الغرض المنشود والى صيغة مقبولة من الجميع، لا أن تُبقي الاوضاع على ما هي عليه، أي ان يتم رفض اقتراحات وزير الخارجية جبران باسيل، لأسباب سياسيّة لا علاقة لها بالتمثيل الصحيح لجميع شرائح المجتمع، او عدم قبول صيغة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بحجة انها لا تؤمن الميثاقيّة، او الى ما هنالك من جدل سياسي قائم لا يوصل الى نتيجة ملموسة .

ولفتت المصادر الى انه لم يعد خافيًا ان الخصومة المكتومة او الصراع الخفي الذي كان قائما بين التيار الوطني الحر عندما كان هذا التيار برئاسة العماد ميشال عون، ورئيس حركة أمل نبيه بري، لم ينتهِ، وهذا الأمر بحاجة الى معالجة جديّة ستسهّل من دون أدنى شك ولادة قانون جديد للانتخابات .

وتعتقد المصادر نفسها ان على الجميع ان يتعاملوا مع وزير الخارجيّة جبران باسيل بصفته الرئيس الجديد للتيار الوطني الحر، الذي لا تزال حيثيته الشعبية قائمة، وعدم اقحام رئيس الجمهورية بأي نقاش يدور بين الكتل للاتفاق على قانون، لأن مهمة هذا الاخير ليست التفاوض على قانون، بل احترام الدستور، وهو المسؤول الوحيد في الدولة اللبنانية الذي اقسم اليمين على ذلك .

واكدت المصادر على ان النزوات السياسية والرعونة، يجب ان تغيبا عن النقاشات الدائرة حول ايجاد قانون جديد للانتخابات، وان تبقى الصراعات تحت سقف الدولة والمؤسسات بغية حماية الدستور، لأنّ ما يحصل حاليا يتعارض مع كل هذه المسلمات.

وخلصت المصادر الى الاعتقاد بأن دور رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم، بعد ان وصلت الامور الى ما وصلت اليه من اشتباك سياسي وليس قانوني او دستوري بين عدد من القوى الفاعلة والمشاركة في حكومته، اصبح مفصليا وعليه ان يخرج "الارانب" من قبعته لأنّ الأجواء التي كانت تسهل على بري اخراج "أرانبه" لم تعد مؤاتية، مشيرة الى أنّ وضع الحريري بصفته رئيسا لكتلة سياسيّة وازنة، ورئيسا لحكومة أخذت على عاتقها في بيانها الوزاري اقرار قانون جديد للانتخابات، يخوّله القيام بهذه المهمة قبل فوات الاوان، لأنّ عدم انجاز قانون سيطيح بحكومته وبالاستقرار الذي نجم عن انتخاب ميشال عون رئيسا، وهو الّذي كان له في هذا المجال الدور الأساسي والفعّال في انهاء الشغور في قصر بعبدا .