أكثر من أي وقت مضى يشعر اللبنانيون بأن الطبقة السياسية أصبحت في الأمتار الأخيرة من رحلة البحث عن قانون جديد للإنتخاب التي إنطلقت منذ أكثر من عشر سنوات، وتحديداً بعد إنتخابات العام 2005.

أكثر من أي وقت مضى، يسمع اللبنانيون من جميع الأفرقاء، كلاماً عن تقدم النسبية الكاملة في دوائر متوسطة، عن كل ما عداها من إقتراحات ومشاريع تمت مناقشتها لسنوات وسنوات في اللجان النيابية والهيئة العامة وطاولات الحوار والصالونات السياسية، حتى لو أن وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر ​جبران باسيل​ لا يزال يتمسّك في العلن بإقتراح القانون التأهيلي، الذي يواجه برفض مطلق من ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ وحركة أمل. وفي هذا السياق، تكشف المصادر المتابعة، أن تمسّك باسيل بالإقتراح التأهيلي، يأتي من باب رفع سقف مطالبه في المفاوضات الدائرة، وإستعماله كسلاح تفاوضي يحصّل من خلال تخليه عنه عندما تدقّ ساعة الإتفاق، ما يريده من شروط وإضافات على قانون الإنتخاب الجديد، تحسّن صحة التمثيل المسيحي. بدورها تقول أوساط التيار الوطني الحر، "لو تخلينا عن التأهيلي بسرعة أي في بداية المفاوضات، كُنّا سنواجه بإقتراح يعتمد النسبية الكاملة في لبنان دائرة واحدة أو في خمس دوائر أي المحافظات الخمس، وبصوت تفضيلي في المحافظة لا في القضاء، وهذا ما يمنع تحقيق ما يتطلع اليه التيار منذ إطلاق معركة قانون الإنتخاب لتصحيح التمثيل".

لكل ما تقدّم سيستنفد التيار الوقت الكامل لإستكمال المفاوضات أي حتى اليوم الأخير قبل إنتهاء ولاية المجلس النيابي في العشرين من حزيران المقبل، حتى لو إتُهم بعرقلة إقرار القانون الإنتخابي المنتظر، على قاعدة أن الهدف هو تصحيح التمثيل وإقرار قانون عصري، لا السير بأي قانون وإجراء الإنتخابات كيفما كان، "ومن إتُهم بتعطيل نصاب مجلس النواب لسنتين ونصف وبالفراغ الرئاسي وتبعاته، حتى أوصل الى رئاسة الجمهورية الممثل الأقوى للمسيحيين، لن يتأثر ببعض الحملات التي تقام ضده على خلفية الشروط التي يضعها للقبول بقانون إنتخابي سيفرز مجلساً نيابياً جديداً، ونسبة الى توزيع كتله النيابية، ستتشكل الحكومة المقبلة، والأهم أنه سينتخب رئيس الجمهورية المقبل".

وعن إحتمال سير التيار بالنسبية الكاملة، يقول نائب بارز في تكتّل التغيير والإصلاح، "وكيف لا نسير بالنسبية الكاملة مع إضافة بعض التعديلات، والتيار، هو الحزب الأول في الشرق الأوسط الذي بادر الى إعتماد النسبية في إنتخاباته الداخلية لحسن تمثيل جميع المتنافسين، وهو أيضاً من بين الأوائل الذين بادروا الى المطالبة بإعتمادها في قوانين الإنتخاب، قبل أن ينتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية يوم كان رئيساً لتكتل التغيير والاصلاح".

اذاً النسبية الكاملة التي يقبل بها حزب الله وحركة أمل ووافق عليها الحزب الإشتراكي، سيسير بها التيار الوطني الحر بعد إدراج تعديلاته، وستوافق عليها القوات اللبنانية أيضاً، وسيكون للبنان قانون وإنتخابات، ويبقى الإتفاق على بعض تفاصيل القانون وتحديد جلسة لمجلس النواب تعدّل مشروع الوزير السابق مروان شربل، وتقرّه معدلاً، تمدد تقنياً ولاية المجلس، وتحدد موعد الإقتراع.