على الرغم من أن الكثيرين كانوا يراهنون على عامل الوقت لمعالجة الأزمة التي تفجرت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بين الثنائي الشيعي ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ​عماد عثمان​، على خلفية قرار الأخير تعيين الرائد ربيع فقيه رئيساً لفرع الأمن العسكري في "المعلومات" من دون العودة الى "رأي" الثنائي الشيعي، ليكون بديلا عن العميد سعيد فواز الذي تم تعيينه في مجلس الوزراء رئيسا للادارة المركزية في قوى الأمن الداخلي، كذلك تعيين العقيد علي سكينة قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي، إلا أن الأمور لا تزال عالقة في مكانها، لا بل يمكن القول أن الأزمة تتصاعد بشكل بات يؤثر على عمل المديرية إلى حد كبير.

في هذا السياق، تشير مصادر مطّلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، إلى أن باقي التشكيلات في قوى الأمن الداخلي عالقة بانتظار حل هذه الأزمة، أي أنها تحتاج إلى إتفاق سياسي بين "حزب الله" و"حركة أمل" ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​، وتكشف عن وجود إتصالات يقوم بها الأخير للوصول إلى حلّ يقوم على قاعدة عدم كسر اللواء عثمان في بداية عهده بالتزامن مع إرضاء الثنائي الشيعي، لكنها توضح أنه حتى الآن لم تصل الأمور إلى خواتيمها السعيدة، بالرغم من أن هناك أكثر من مبادرة قدمت على هذا الصعيد.

إنطلاقاً من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن أصل المشكلة يعود إلى أن التعيينات التي حصلت تمت من دون الأخذ برأي الثنائي الشيعي بعد التشاور معه، وتوضح أنه في السابق كانت تتم التعيينات بعد التشاور في مجلس القيادة ومع السياسيين، لكن هذا الأمر لم يحصل بعد تسلم اللواء عثمان لقيادة المديرية، لا بل تم الأخذ برأي مختلف الأفرقاء الآخرين باستثناء "حزب الله" و"حركة أمل".

على هذا الصعيد، تكشف مصادر مطّلعة على موقف الثنائي الشيعي، عبر "النشرة"، أن الأزمة تكمن بعدم تطبيق معايير موحدة في هذه المؤسسة، وبالتالي فإن هذا الثنائي لا يقبل أن يتم التشاور معه من دون الأخذ برأيه، بعكس الاخرين، وتضيف: "لو كان هناك وحدة معايير في التعيينات فلا يوجد مشكلة في الأصل، وتشير إلى أزمة أخرى أساسها الترويج بأن لا كفاءة في هذه المؤسسة إلا من ضمن شعبة المعلومات، في حين أن ضباط هذه الشعبة لا يشكلون أكثر من 5% من ضباط المديرية، وتسأل: "هل من المقبول أن تكون التعيينات حصراً على هؤلاء دون غيرهم".

بالنسبة إلى المبادرات التي تطرح، تكشف المصادر نفسها أن أكثر من مبادرة طرحت في الفترة الأخيرة، لكن لم ترتقِ أي منها إلى مستوى الحل بسبب الإنطلاق من تشخيص سيّء لهذه الأزمة، وتسأل: "هل يظنّن أحد بأنه من الممكن القبول بكسر الطائفة الشيعية كي لا يكسر خاطر المدير العام"؟، لتجيب: "تجربة أمن الدولة السابقة لا تزال حاضرة وينصح بدراستها ومراجعة تفاصيلها بشكل كامل، لأن الحل معروف من قبل الجميع، وبالتالي فإن الأمور ليست بحاجة إلى مبادرات".

من وجهة نظر هذه المصادر، فإنّ ما طُرح على بساط البحث حتى هذه اللحظة لم يأتِ من نية الحل بل بسبب الضغط القائم داخل المديرية وخارجها، الأمر الذي يترك تداعيات لا يستهان بها على مستوى العمل، مشدّدة على ان الطروحات المكثفة لن تأتي بالنتيجة المرجوة منها لأنها أقل من حجم المشكلة، وتقول: "من ظن أن المشكلة "سياسية" وتنتهي بمرور الايام سيجد نفسه مخطئا وعليه اعادة النظر بظنونه".

في المحصّلة، لا تزال الأزمة في المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي عالقة دون حل، بالرغم من الكلام الذي يُقال عن قرب الوصول إلى الخاتمة سعيدة، فهل تقدّم مبادرة جديدة في وقت قريب؟.