بالرغم من تشديد معظم الفرقاء في الساعات الـ48 الماضية على ارتفاع منسوب التفاؤل باقرار قانون جديد للانتخاب في الاسابيع المقبلة، الا ان اجماعهم بالوقت عينه بأن لا مهلة داهمة قبل 20 حزيران، يجعلنا نخطو خطوة أولى في هاوية الفراغ، وهو ما تستعد القوى السياسيّة كافة للتعامل معه، وان كان على مضض.

التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون كانا واضحين ومنذ فترة لجهة تعاطيهما مع الفراغ على المستوى النيابي كأي فراغ آخر طال بوقت سابق ​رئاسة الجمهورية​ كما الحكومة، مع تشديد مصادرهما على ان "الفراغ البرلماني ليس نهاية الدنيا كما يحاول البعض اقناع اللبنانيين". وترى المصادر ان "المخرج الدستوري لهذه الأزمة واضح وصريح ويقول بدعوة الحكومة الهيئات الناخبة بعد 20 حزيران لتتم الانتخابات خلال 3 أشهر على أساس القانون النافذ، أي ​قانون الستين​، وهو خيار لا تشجعه على الاطلاق قيادة التيار كما رئاسة الجمهورية، كونه ينسف كل الوعود التي أطلقها الرئيس عون بعيد انتخابه، ولذلك ستبقى تدفع وحتى اللحظة الأخيرة لاقرار قانون جديد يلبي طموحات العهد واللبنانيين".

بالمقابل، لا يتعاطى الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة أمل بهذه السلاسة مع الموضوع، ويرفض تماما جرّ البلاد في هذا الاتجاه من خلال الاصرار على القانون التأهيلي. وفي هذا السياق، تقول مصادر الثنائي انّه يدرس خياراته جيدا، "وهو لن يسمح بوضع مصير المجلس النيابي ورئاسته بأيدي باقي الفرقاء، فان ارتأوا دعوا لانتخابات وفق الستّين، وان ارتأوا عكس ذلك أبقوا على الفراغ من دون ان يكون هناك اي ضوابط دستورية تردعهم". وتضيف: "ما يتم التسويق له لجهة اجتماع الحكومة بعد 20 حزيران للدعوة لانتخابات وفق الستين طرح لا يروق لحزب الله على الاطلاق".

وليس خافيا على أحد أن الثنائي سيعمد الى تعطيل كل المؤسسات الدستورية الأخرى في حال دخولنا في الفراغ البرلماني، وعلى رأسها الحكومة. وهنا تقول المصادر: "حزب الله لن يعمد لسحب وزرائه ولن يدعو حلفاءه للقيام بالمثل لاسقاط الحكومة، بل هم جميعهم لن يحضروا جلسات الحكومة بعد منتصف حزيران، وبالطبع سيتفاهمون أو يضغطون على الحريري لعدم الدعوة لأي جلسة لمجلس الوزراء حتى ايجاد حل لأزمة مجلس النواب، ما يعني ربط مصير الحكومة بمصير مجلس النواب بشكل كلي".

ويُدرك الثنائي الشيعي جيدا ان تبني رئيس الجمهورية قبل أيام لطرح "التأهيلي" بعدما ظن الجميع أن قيادة "التيار الوطني الحر" استسلمت بعدم امكانية تمريره، محاولة لاعطائه نفسا أخيرا من خلال الضغط على الفرقاء قبيل شهر على انتهاء المهل لاعتماده والا الدخول في الفراغ. وتؤكد مصادر الثنائي ان "هذه المحاولة لن يُكتب لها النجاح لأنّها مكشوفة، كما ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبلغ القاصي والداني ان "التأهيلي" لا يمكن أن يمرّ في جلسة برلمانية يرأسها هو، مهما كان الثمن". وتضيف المصادر: "المستغرب ان حزب القوات أعلن موافقته على النسبية وفق 15 دائرة، وبات علينا ان نقنع من كان اول من طرح النسبية في السنوات الماضية بالسير بها!" وتساءلت: "هل باتوا يرضون بالعودة الى الستين الذي يؤمّن لهم 35 نائبا بأصوات المسيحيين ويرفضون قانونا يأتي بأكثر من 48 نائبا بأصوات المسيحيين فقط نكاية بباقي الفرقاء"؟!.

بالمحصلة، قد يكون اللبنانيون على موعد في الأسابيع المقبلة مع حلقات جديدة وأخيرة من لعبة شدّ الحبال، التي تعتمد حاليا أكثر من أي وقت مضى على خطاب طائفي غير مسبوق منذ الحرب اللبنانيّة، على أنْ يولد الحلّ بعد مخاض عسير في الساعات الأخيرة التي تسبق تاريخ انتهاء ولاية المجلس الحالي، فيتم تصوير التمديد الجديد المرتقب للبرلمان تحت مسمى "تقني" كطوق نجاة، وهو فعليا مسمار جديد في نعش النظام الديمقراطي في لبنان.