لا يكفي عند الحديث عن الوجود السوري في لبنان أن نذكر الوافدين من سوريا، بل لا بد من التذكير بأن ما يزيد عن 115 ألفا من السوريين قد وُلدوا في لبنان منذ بداية الأزمة حتى اليوم، مع وجود احتمال كبير بأن يكبر هذا العدد، خصوصا وأن معدل الولادات السوريّة السنويّة على الأرض اللبنانيّة يقارب حدود الـ30 ألفا.

إن كثرة النساء الحوامل تستدعي اهتماما طبيا خاصا، الامر الذي تقدمه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة أطباء بلا حدود، وفي هذا السياق يشير نائب المدير الطبي لاطباء بلا حدود في لبنان ​سامح كيرلس​ أن المنظمة أنشأت 13 مركزا للرعاية الصحية في لبنان وتُعنى بشؤون المرأة الحامل، لافتا النظر الى أن حالات الحمل الصعبة يتم تحويلها الى المستشفيات اللبنانية بحيث تتحمل المفوضية من 75 الى 85 بالمئة من قيمة الاستشفاء وتغطي المنظمة الكلفة المتبقية.

ويقول كيرلس: "نقوم بزيارات ما بعد الولادة ونطمئن خلالها ان الطفل بصحة جيدة، وان برامج التطعيم تعمل بشكل سليم، ثم نتحدث عن وسائل تنظيم الاسرة وامكانية المباعدة بين الأطفال، أي الانتظار فترة عامين على الاقل قبل الحمل مرة أخرى"، مشيرا الى أن المنظمة سجلت 3 الاف حالة ولادة عام 2016، و1300 حالة في الاشهر الثلاثة الاولى من هذا العام.

أما عن التأثيرات السلبيّة لزيادة عدد الولادات، وبالتالي زيادة أعداد النازحين، فيشير وزير الدولة لشؤون النازحين ​معين المرعبي​ الى أن الشعب اللبناني يتحمل عبء مليوني شخص، لافتا النظر الى أن الدولة اللبنانية غير مجهزة لاستقبال هذا العدد الكبير، وبالتالي يمكن تخيّل التأثيرات السلبيّة التي يتركها اللجوء على السكان اللبنانيين وخاصة في الأطراف والأرياف، حيث يعانون من نقص بالمياه والكهرباء والبنى التحتية.

يتحدث المرعبي عن تغير واضح بسياسة العمل بملف اللاجئين بظل حكومة سعد الحريري، مشيرا الى ان كلفة النزوح يتحملها لبنان بظل شعارات فارغة من رافعي لواء حقوق الانسان. ويضيف "لم تتعاطَ الحكومات السابقة مع هذا الملف بجدية لناحية تأمين الاموال اللازمة له، كذلك تتعاطى الدول المانحة والكبرى بـ"بخل" مع لبنان، وهذا ما يجعلنا نعاني، مشيرا الى أن العمل في وزارته ينصب على تغيير هذا الواقع.

تسجيل الولادات

بالاضافة الى ملف العناية الطبية والتأثيرات السلبية لزيادة اعداد اللاجئين، تُطرح مشكلة إضافية هي عدم لجوء الكثير منهم الى تسجيل أولادهم سواء في السفارة السورية أو في المنظمات الدولية المختصة، وهذا ما يفتح الباب واسعا أمام مشاكل ستواجه هؤلاء في حياتهم اليومية ومكوثهم في لبنان وخروجهم منه.

وفي هذا الإطار، يؤكد المرعبي أن ملف الولادات مهم جدا، ويتم في مراكز اللاجئين في المنظمات الدولية تعليم الاهل كيفية تسجيل الأبناء، مشيرا الى أننا بحاجة لكي يعود هؤلاء الى بلادهم، لذلك من الضروري أن يتم تسجيل الولادات. ويؤكد المرعبي أن الأمن العام اللبناني له قدرة معيّنة للتعاطي مع اعداد معيّنة، وبالتالي كيف يمكن له ان يواجه هذه الاعداد الضخمة بظل عدد بسيط من الموظفين وبظل عدم القدرة على التوظيف بسبب الوضع المالي. ويقول: "لدينا قوانين ولا يمكننا إبقاء حدودنا مفتوحة وبالتالي فمن يخالف بوجوده في لبنان القوانين لا يمكن له البقاء".

علمت "النشرة" أن جهاز الامن العام اللبناني يعاني جراء مشكلة عدم تسجيل الولادات، اذ لا سبيل للتعامل مع هذه الحالة سوى بتطبيق القانون الذي ينص على عدم بقاء من لا يملكون اوراقا ثبوتية في لبنان.