استغرب كثيرون "التفاؤل" الذي اطل من ​عين التينة​ بعد ​لقاء الاربعاء النيابي​، خصوصا بظل سواد قاتم يحيط بملف ​قانون الانتخاب​ الذي يسابق المهل التي تنتهي في 19 حزيران المقبل، فما هو المعنى الحقيقي لتفاؤل رئيس مجلس النواب نبيه بري، واين أصبحت مفاوضات القانون الانتخابي؟.

يقوم رئيس المجلس النيابي باستعمال الطرق كافة لتجنب الفراغ، فهو الذي يبدي انفتاحه لكل الطروحات "المنطقية" التي تُطرح، ويستعد لبحث الحلول بإيجابية غير مسبوقة، انما ضمن نطاق "النسبية" التي أصبحت أمرا ضروريا بأي بحث انتخابي، تقول مصادر سياسية مطلعة. ولكن ماذا عن واقع المفاوضات اليوم وماذا دار في العشاء الشهير في عين التينة الاحد؟.

تكشف المصادر أن لقاء عين التينة انتهى الى نتيجة سيئة جدا، اذ حاول "الضيوف" في بداية اللقاء الحديث عن تعديلات على مجلس الشيوخ، ما دفع بري الى قلب صفحة هذا المجلس كون المهلة التي حددها في 15 ايار لانتهاء صلاحية "طرحه" انتهت. وتضيف المصادر: "انتقل الحديث بعدها الى تقسيمات الدوائر الانتخابية في ظل النسبية، فتم اقتراح تقسيم بيروت الى دائرتين، ودمج الدائرة الثانية الموجودة في قانون الدوحة ضمن الدائرتين بحيث يُنقل النواب المسيحيون فيها الى الدائرة الاولى التي تضم "حاليا" الاشرفية والرميل والصيفي، ويُنقل النواب المسلمون الى الدائرة الثالثة، كذلك تم اقتراح تقسيم الجنوب الى ثلاث دوائر، الاولى تضم النبطية ومرجعيون، الثانية تضم صور ومنطقة بنت جبيل، والثالثة تضم الزهراني وصيدا وجزين"، مشيرة الى ان الطروحات جاءت واضحة لتشير ان نية الحل غير موجودة، وهو ما دفع الّذين شاركوا باللقاء للتوجه نحو العشاء والاتفاق "فقط" على استمرار التواصل.

وتلفت المصادر النظر الى أن البحث بالقانون الانتخابي عاد الى نقطة الصفر وما دون، وهذا ما تؤكده مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي التي ترى عبر "النشرة" أن الجو الحالي يشير الى عودتنا الى الخلف بظل تمسك كل طرف باقتراحه.

ماذا يعني الفراغ؟

في السياق ذاته، تكشف المصادر ان الوصول الى الفراغ الذي يريده البعض لن يكون بمصلحة احد، كاشفة أن الفراغ بالسلطة التشريعية سيدفع النواب الشيعة الى الاستقالة من مجلس الوزراء ومعهم نواب اللقاء الديمقراطي والحلفاء، ما يعني سقوط الحكومة التي ستفقد شرعيتها، بالاضافة الى عدم امكانيتها الاستمرار بالعمل بغياب السلطة الرقابيّة التي تسهر على حسن سير العمل فيها. وتضيف: "إن الفراغ النيابي يعني الفراغ بكافة مؤسسات الدولة وتعطيلها بأكملها وعندها لن يبقى لموظف سلطة على ملفّ ولا لشرطي سلطة على مواطن اذ أن هؤلاء جميعا يستمدون شرعيتهم من السلطة التشريعية"، مشيرة الى ان البعض يستسهل الفراغ في مجلس النواب ويريد تجربته، سائلة: "هل هكذا يريد هذا البعض للعهد الجديد أن يبدأ؟.

بالمقابل، يجمع الخبراء أن الحكومة ملزمة بظل الفراغ النيابي ان تدعو لإجراء انتخابات نيابية على اساس القانون النافذ، أي قانون الستين المعدّل في اتفاق الدوحة، وفي هذا الاطار تقول المصادر: "إن كانت النتيجة بعد الفراغ هي العودة الى القانون النافذ، فلم لا نختصر كل السيئات الناتجة عن هذا الامر ونعتمد هذا القانون قبل الوقوع في المحظور". وتسأل: "هل ضبط احد من الافرقاء ساعته على زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى المنطقة؟ وهل يعتقد أحد ان بإمكانه استثمار الزيارة ونتائجها المفترضة في الداخل اللبناني المصاب"؟، مشيرة الى ان التاريخ واضح بأن أحدا لم يكسب من جراء الاعتماد على الخارج، رغم التخوف من التقسيم وما يمكن ان يحضره الاميركي الى المنطقة.

"في الوقت الذي يسعى فيه الجميع للحصول على صلاحيات اضافية، تنازل بري عن صلاحيات من المجلس النيابي للوصول الى اتفاق الا أن احدا لم يغتنم الفرصة"، تقول المصادر، مشيرة الى أن الوقت المتاح حتى 19 حزيران لن يكون كافيا بحال عدم توفر النوايا الصادقة، وفي حال أرادوا الحل فيمكن "هندسته" في يوم واحد، أما إن ارادوا الفراغ فلن نصل الى قانون انتخابي ولو بعد سنوات. فهل ينجح السياسيون بتجنب "الأزمة" خلال شهر واحد وتحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه خلال عشرات الاشهر؟