"أنا أكرهك، أكره لبنان، أكره فلسطين، أكره سوريا. كلكم سارقون. أخذتم أموال الشعب الايراني". بهذه العبارات واجهتنا احدى الايرانيات خلال جولة لـ"النشرة" في أحد شوارع طهران لتغطية الدعاية الانتخابية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية الايرانية. أعربت هذه الفتاة عن سخطها، فحسب تعبيرها، كل أموال ايران وثرواتها تذهب لدعم "المقاومة" في البلدان التي ذَكَرَتها، وهم كمواطنين يُحرمون منها. وعلى عكس الكثير من مناصري الرئيس الحالي ​حسن روحاني​ والمرشح المحافظ ​ابراهيم رئيسي​ الذين أظهروا ترحيباً بلبنان واللبنانيين في بلدهم، صرخت هذه الفتاة "أخرجوا من أرضنا، إيران لنا فقط".

بعيداً عن هذه الحالات، عاشت شوارع طهران ليل أمس عرساً انتخابياً كبيراً، قبيل منع السلطات لأي نشاط ترويجي انتخابي، قبل يوم واحد من يوم الاقتراع، أي اليوم الخميس، إلتزاما بقانون الصمت الانتخابي. فشهد ليل أمس انتشاراً واسعاً لمناصري الفريقين، وجهاً لوجه، وهم يهتفون لمرشحيهم، مستفيدين من الوقت الدعائي المتبقي.

"في آخر الأسبوع، روحاني سيرحل"، وفي الجهة الآخر "في آخر الأسبوع، رئيسي سيرحل". هكذا تبادل الفريقين الشعارات. في الزوايا عدد من الشبان والشابات يحملون صور رئيسي أو روحاني، يقنعون المارة بأن ينتخبوا من يرونه الأفضل لبلدهم. اللون البنفسجي، هو اللون الذي يجعلك تتعرف على "الروحانيين". أما اجتماع الالوان الحمراء والبيضاء والخضراء (ألوان العلم الإيراني) فيدلك على داعمي رئيسي. عصبة على الرأس أو سوار على اليد يحمل هذا اللون، كفيل بمساعدتك على معرفة خلفية الشخص الذي ستقابله. مسيرات سيارة في كل مكان، تجمّعات وحشود ملأت الشوارع. أناشيد ثورية دينيّة تسمعها في أروقة المحافظين، مقابل بعض الأغاني "التحرريّة" الصادرة من تجمعات الاصلاحيين. كثير من الأضداد يجتمع في شارع واحد. وهذا طبيعي في أجواء انتخابية تنافسية كالتي تعيشها ايران اليوم.

السؤال الأول الذي يمكن طرحه على هؤلاء هو سبب اختيارهم لهذا المرشح أو ذاك. ولكل فريق عباراته الخاصة. "الولاية وقيم الثورة الاسلامية" للمحافظين، "الاقتصاد والحرية" للاصلاحيين. ويفيض أحد الاصلاحيين بشرح خياراته عبر ايضاح كيفية تمكن روحاني من الحفاظ على اسعار النفط والمحروقات واسعار العملات الأجنبية، مقابل فشل حكومات المحافظين من لعب الدور عينه، ويضيف "في الوضع الاقتصادي الحالي نحن بحاجة الى بنية اقتصادية قوية، وخلال أربع سنوات من عهد روحاني، استقرت العملة وارتفع تصدير النفط واستقر سعر المحروقات. لذلك نحن بحاجة الى العقلانية والفكر لنعالج مشاكلنا الاقتصادية، وبالتالي ليس لدينا اليوم أي خيار أفضل من روحاني".

ومع انسحاب عدد من المرشحين وانحسار الخيارات، بات على بعض الايرانيين اختيار المرشح "الأقل سوءاً" حسب تعبيرهم. فالرئيس الأسبق أحمدي نجاد يبقى "الفزّاعة" التي يخاف منها الشعب الايراني، وخصوصاً الإصلاحي، نظراً للمشاكل الاقتصادية التي عاشتها البلاد في عهده. ورأت بعض الشابات أن سبب اختيارهم لروحاني، هو فقط خوفهم من وصول رئيسي الى رئاسة الجمهورية. ويقول أحد الشباب "لا أحب رئيسي بسبب قناعاته ولأنه شخص صارم جداً. انا لا زلت شاباً واريد أن أفرح وأن أعيش ولذلك أختار روحاني لما يمثله من قناعات".

في المقلب الآخر، تظهر النفحة الدينية من مناصري رئيسي. "اننا نؤيد رئيسي لأنه يملك جذوراً دينية واسلامية، وهو لا يريد الرئاسة ليس من أجل نفسه بل لأنه حريص على الشعب الايراني ويمكنه تحمل هذه المسؤولية الكبيرة". هذا أكثر من يجمع عليه مناصري المسؤول عن الحرم الرضوي في مدينة مشهد الايرانية. ويضيف آخرون "اننا ندعم رئيسي لأنه يحترم قرارات القائد والمرشد الأعلى السيد علي الخامنئي ولأنه لم يتجاوز الخطوط الحمراء".

بين مرشح يُجمع مناصروه على أنه سبيل التحرر ونمو الاقتصاد في بلدهم، وآخر يرى فيه مؤيدوه استمراراً لمسيرة المحافظين في ايران، ستنطلق الانتخابات الرئاسية في ايران يوم غد الجمعة. فلأي معسكر سيكون الانتصار؟