أن تغير مروحيات ​الجيش اللبناني​ على مواقع المجموعات الإرهابية في جرود عرسال ورأس بعلبك وبوتيرة شبه أسبوعية، لأمر ليس أبداً من باب الصدفة، بعدما كان الإستهداف العسكري لهذه المجموعات يتم في المرحلة السابقة عبر سلاح المدفعية في الجيش. نعم هو قرار سياسي-عسكري متخّذ على أعلى المستويات، قوامه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقائد الجيش العماد ​جوزيف عون​. قرار بإستعمال كل الأسلحة المتاحة لتحرير جرود عرسال المحتلّة وطي صفحة العهود الماضية التي أبرمت خلالها صفقات سياسية وإرهابية على أراضي البلدة الحدودية، كل ذلك على حساب السيادة اللبنانية أولاً، ودماء وأرواح ضباط وعسكريي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي ثانياً، وثالثاً على حساب أهالي عرسال.

وعن هذا القرار، تكشف المصادر المتابعة لـ"النشرة" أنه بالتوازي مع المفاوضات غير المباشرة التي يخوضها حزب الله مع تنظيمي "داعش" وجبهة النصرة لإنسحاب مسلحيهم من جرود عرسال ورأس بعلبك الى مناطق سورية تقع خارج سيطرة الجيش السوري، لن يترك الجيش هدفاً لهذه المجموعات إلا وسيستهدفه لفرض معادلة التفاوض تحت خطوط النار، ولعدم ترك المجموعات الإرهابية تشعر ولو للحظة، بأنه في حال فشلت المفاوضات الدائرة معها، والتي تشارك فيها دول كقطر وتركيا، سبتقى في جرود ​السلسلة الشرقية​. وبحسب المصادر عينها فالرسالة العسكرية التي يريد الجيش اللبناني ايصالها لهذه المجموعات الإرهابية المحاصرة في الجرود، هي game over، وبأن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء، كما أن كل المخططات الإرهابية السابقة التي تحدثت عن ربط عرسال بعكار وطرابلس، وعن إمارات متشددة تخضع لسيطرة داعش في العراق والشام، سقطت الى غير رجعة، ومجنون من لا يزال يفكر فيها حتى اليوم.

هذا الضغط الجوي والمدفعي الذي يمارسه الجيش اللبناني بشكل يومي على إرهابيي "النصرة" و"داعش" "يفيد المفاوضات ولو بطريقة غير مباشرة"، يقول المتابعون، إذ يدفع قيادات هذه المجموعات الى عدم رفع سقوف مطالبها وشروطها للإنسحاب، ويجعلها تقر بأن لا خيار لديها سوى الإنسحاب والإنكفاء، على قاعدة أن مسلحيها محاصرون في الجرود ومصيرهم المحتوم هو السقوط عسكرياً وبعده الموت أو التوقيف داخل السجون اللبنانية، ومن ثم المحاكمة أمام المحكمة العسكرية حيث تنتظرهم أحكام الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة.

إذاً تغيّرت قواعد اللعبة، لم يعد ميشال سليمان القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الحكومة سعد الحريري لم يعد كما كان سعد الحريري في بداية الأزمة السورية، ولم يعد بإمكانه تغطية أي تصريح للشيخ سالم الرافعي أو لغيره، يرفض أي عمل عسكري في بلدة عرسال، بحجة أنه يستهدف الطائفة السنية، وما يسمى بـ"الثورة السورية"، كما أن المطلوبين علي الحجيري (أبو عجينة) ومصطفى الحجيري (أبو طاقية) باتا في خبر كان، وهمّهما الوحيد اليوم هو الإبتعاد عن الشاشة علّ هذا الإبتعاد، ينسي المسؤولين الجرائم الإرهابية المرتكبة من قبلهما.