نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تأمين الدعم المالي لبلاده من دول عربية وإسلامية تقودها السعودية، بصفقات بلغت نحو 500 مليار دولار أميركي. وهو في طريق عودته إلى واشنطن، لن يجد حرجاً في مواجهة خصومه الداخليين، لأنه أول رئيس أميركي يفرض جزية بهذا المقدار على «العرب والمسلمين»، كما أنه تفوّق على أسلافه بالمحاضرات عن الخير والشرّ، وتأنيب حلفائه وحثهم على القيام بأمورهم بأنفسهم!

وما نجح به ترامب ليس عقد هذه الصفقة الكبيرة وحسب، بل هو وضع حجر الأساس لمنظومة شرق أوسطية نصّ عليها إعلان الرياض. وهذه المنظومة تستدعي شراكة بين دول عربية وإسلامية وبين الكيان الصهيوني، ما يعني أنّ ترامب أنهى حقب التطبيع المستتر بين هذه الدول و«إسرائيل»، وأعلن بدء عصر التطبيع العلني بينها. وهذا أمر غاية في الأهمية بالنسبة للأميركيين والصهاينة على حدّ سواء، ولذلك لم ينتظر ترامب كثيراً، فشدّ الرحال باتجاه فلسطين المحتلة، للقاء المسؤولين الصهاينة، وهناك أعلن صراحة أنّ دولاً كثيرة في المنطقة أصبحت إلى جانب «إسرائيل»، وأنّ هؤلاء مجتمعين لهم عدو واحد هو إيران وسورية وقوى المقاومة…

وترامب لا يستطيع أن يمارس «الأستذة» أمام المسؤولين الصهاينة، لعلمه بحدود صلاحياته، وأنّ الصفقات التي حصل عليها، ستكون في خدمة «الأمن الإسرائيلي»، لكنه في قمة الرياض الإسلامية ـ الأميركية فعلها وظهر على شكل داعية، يفتي بمَن هم قوى الخير، ومَن هم قوى الشرّ، ويجمع بين حزب الله و«داعش» في قائمة إرهاب واحدة! في حين أنّ بلاده هي مَن يدعم داعش والإرهاب.

ويبقى السؤال ماذا سيقدّم ترامب لدول إعلان الرياض، بعدما حصل على الصفقة الكبيرة؟ ولماذا سجل انسحاباً استباقياً من أيّ عمل ضدّ الإرهاب، واضعاً الحمل على أكتاف مَن فرض عليهم الجزية؟…

لا شك في أنّ إعلان الرياض لن تكون له أية مفاعيل وربما تراجع بعض الدول حساباتها، في حين أنّ وفد لبنان الذي ذهب بدعوة منقوصة إلى الرياض عاد أدراجه إلى بيروت، معلناً أنه فوجئ بإعلان الرياض!

ما هو مؤكد أنّ القمة الإسلامية ـ الأميركية، هي مجرّد لقاء لدفع الجزية للأميركي، إلا أنّ الخطير هو اجتماع هذا الكمّ الكبير من الدول العربية والإسلامية تحت الراية الأميركية، وإعلان العداء لقوى المقاومة، ما يعني أننا دخلنا مرحلة انهيار القيم الإنسانية والأخلاقية بإمامة دونالد ترامب، وهذا أخطر بكثير من إرهاب «داعش» و«النصرة» وأخواتهما.