لم تنجح كل "اللاءات" في دفن قانون الستين الإنتخابي. القانون النافذ لا يلغيه إلا قانون آخر يُقرّ في المجلس النيابي، وبسبب فشل القوى السياسية في الإتفاق على قانون جديد عاد "الـ60" إلى الحياة بعد أن ظن الكثيرون أنه انتهى.

في الساعات الماضية، خرج العديد من المسؤولين لوضع اللبنانيين أمام الأمر الواقع المحسوم، من رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي قال: "بكل بساطة وبكل حزم، الفراغ ممنوع في هذا البلد، لأنه لا يعني أنه لم يعد لدينا مجلسا نيابيا أو رئيس مجلس نيابي، الفراغ يعني أنه لم يعد لدينا حكومة ولا رئيس حكومة، ويصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئاً"، إلى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي أشار إلى أننا "وصلنا اليوم إلى احتمالات سيّئة، إما التمديد الذي هو مرفوض ويُعتبر قضاء على العهد الجديد، وإما الـ60 الذي يُعتبر فشلاً للعهد الجديد والنظام السياسي، وإما الوصول إلى الفراغ الذي لا يريد أحد الوصول إليه"، وصولاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان حاسما بالتأكيد أنه "اذا انتهت ولاية المجلس دون قانون انتخابي فإن الدستور ينّص على أن يُدعى الشعب الى الانتخابات ضمن مهلة 90 يوماً على أساس القانون النافذ".

إنطلاقاً من ذلك، تكشف مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إنّ التوجه نحو إجراء ​الإنتخابات النيابية​ على أساس قانون الستين هو الطاغي راهنًا، في ظل فشل التوافق على قانون جديد يدفن القديم فعلياً ولا يدخله في "الكوما" فقط، وتشير إلى أن الأجواء السلبيّة هي التي قادت إلى إعادة القانون الحالي إلى الحياة، لا سيما بعد أن عمدت بعض القوى السياسية إلى رفع السقف عالياً في تحذيرها من الوصول إلى الفراغ على مستوى السلطة التشريعية، والتهديد بأن يشمل الفراغ كل المؤسسات الأخرى من الحكومة إلى رئاسة الجمهورية.

وتلفت هذه المصادر إلى أن أغلب القوى السياسية لم تكن تريد التوافق على أي قانون جديد، بل على العكس من ذلك سعت إلى اللعب في الوقت الضائع للوصول إلى المرحلة الراهنة، وبالتالي توجيه رسالة سلبية إلى العهد الجديد الذي كان يطمح في إقرار قانون يصحح التمثيل، وتضيف: "هناك من يريد أن يقول لعون بأن لا شيء يمضي من دون الإتفاق معنا، ويراهن على مخاطر الفراغ لتحقيق هذه الغاية".

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن الجزم حتى الساعة بأن الإنتخابات النيابية ستجري على أساس قانون الستين، لكن يمكن القول أنه بات من أبرز الخيارات حالياً مع سقوط كل الإقتراحات التي قُدِّمت في الفترة السابقة، في حين كان الجميع يرفض العودة إليه في بداية النقاشات، وتضيف: "من حيث المبدأ ربما التقدم الوحيد الذي قد يكون بإدخال بعض التعديلات على القانون النافذ".

بالنسبة إلى مصادر نيابية في تكتل "التغيير والإصلاح"، لا يمكن القول أن العودة إلى الستين هي ضرب للعهد الجديد بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أن رئيس الجمهورية إستخدم الصلاحيات التي لديه للحؤول دون الخيار الأصعب، أي تمديد ولاية المجلس النيابي، وتعتبر، عبر "النشرة"، أن العودة إلى هذا الخيار هي تعبير عن إفلاس كل القوى السياسية الفاعلة في البلاد، لكنها توضح أن هذا لا يعني حسم الذهاب إلى الإنتخابات على هذا الأساس، حيث لا يزال هناك بعض الوقت للإتفاق على قانون جديد بحال كانت النوايا صافية، وتؤكد أن التكتل ماضٍ في هذه المعركة حتى النهاية.

في الجانب المقابل، ترفض مصادر نيابية في كتلة "التنمية والتحرير" تحميل رئيس المجلس النيابي نبيه بري مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع، وتشير، عبر "النشرة"، إلى أن بري هو اكثر من قدّم التنازلات للوصول إلى الإتفاق على قانون جديد، لا سيما في الإقتراح الأخير الذي ينقل صلاحيات من المجلس النيابي إلى مجلس الشيوخ، لكن البعض كان يأخذ الإقتراحات التي يتقدم بها لدرسها ويعيدها مشوهة، مشيرة الى أن القول بأن بري يرفض الاقتراح الذي يتقدم به بعد موافقة الاخرين عليه هو امر عار من الصحة، اذ أنهم يوافقون على الاقتراح معدّلا وفي التعديل تغيير كامل ينسف الصيغة الاصليّة. وتضيف: "منذ البداية كنا نتوقع هذا السيناريو، ومن أجل ذلك طالبنا بالإتفاق على سلّة متكاملة قبل الإنتخابات الرئاسيّة لإنقاذ العهد من هذا الفخّ، لكن مع الأسف هناك من رفض ذلك".

في المحصّلة، عاد قانون الستين ليتصدر الواجهة السياسية من جديد، بالرغم من رفضه العلني من قبل غالبيّة القوى، فهل تجري الإنتخابات على أساسه في الخريف المقبل أم أن الفرصة لا تزال سانحة لدفنه بقانون آخر؟.