قبل أيام من موعد الجلسة النيابية المزمع عقدها في 29 الجاري، تزداد الصورة السياسية في لبنان سوادا، فلا ايجابيات تقدّمت ولا من يحزنون، لا بل يمكن القول أن التفاؤل الذي ساد الجو اللبناني منذ اسبوعين إنقلب تشاؤما مما هو قادم.

بظل هذا الواقع جاءت القمة العربية الاسلامية الأميركية في الرياض لتزيد "الطين بلة"، اذ يُعتبر "مجنونا" من يظن أن هذه القمة لن تؤثر على لبنان والمنطقة، تقول مصادر سياسية مطلعة، مشيرة في حديث لـ"النشرة"، الى أن التأثير سيكون أكيدا، ولكن ما هو غير معروف هو المدى الزمني الذي سينقضي قبل الشعور به. وتضيف المصادر: "لدينا قناعة اليوم بأن أطرافا في لبنان تراهن على تغييرات اقليمية ودولية، وأخطر ما في الأمر هو سعي البعض لتحضير الأرضية اللبنانية لتقبّل هذه التغييرات"، مشيرة الى أن "الاتجاه" للفراغ بما يعنيه من سقوط للدولة يعني أن لبنان أصبح جاهزًا لأي تغيير دولي مقبل.

وتلفت المصادر النظر الى أن تأثير القمة في الرياض بدأ سريعا في مملكة البحرين، إذ لم تمض 24 ساعة على لقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، حتى تحركت الشرطة البحرينية بقوة لمواجهة المرجع الشيعي عيسى قاسم ومناصريه، مشيرة الى أن القمة لم تُعقد لأخذ الصور التذكارية فقط بل سيكون لها تداعيات كبيرة على منطقتنا. وانطلاقا من النتائج تستغرب المصادر موقف وزير الخارجية جبران باسيل، معتبرة أنه لا يُعقل أن يكون قد ظنّ أن قمة بهذا الحجم ستنتهي دون بيان ختامي، مشيرة الى أن "ملامح" البيان تظّهرت جيدا من خلال خطاب ترامب.

ماذا في القانون الانتخابي؟!

تكشف المصادر أن الاتصالات الجدية في ملف قانون الانتخاب توقفت منذ أيام، وكأن الجميع قد دخل في عطلة صيفية مبكرة، مضيفة: "لا يمكن اليوم الحديث عن تقدّم بل على العكس تماما اذ أن الامور تراجعت، والدليل جاء بحديث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي صرّح بأن قانون الستين سيكون حلا أخيرا بحال انتهت المهل المتاحة أمام النواب للوصول الى قانون انتخابي جديد. وهنا تسأل المصادر: "إن كنا سنعود الى "الستين" لماذا لم يوقّع عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في شباط الماضي بما يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ولماذا ننتظر الفراغ النيابي، قبل أن نجري الانتخابات على أساس القانون الحالي"؟.

اما بالنسبة للمعلومات التي تتحدث عن استخدام عون للمادة 25 من الدستور التي تقول: "إذا حل مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة وهذه الانتخابات تجري وفقاً للمادة 24 وتنتهي في مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر"، فتشير المصادر الى أنها غير قابلة للتطبيق في وضعنا القائم، اذ ان الفقرة الرابعة من المادة 65 من الدستور(1)قد حدّدت بوضوح "الأسباب" التي يمكن حلّ مجلس النواب على أساسها، وهذا ما هو غير متوفر اليوم. وتضيف: "إن الدستور لم ينص بحرف منه على "الفراغ" في المجلس النيابي لان المشترع يعلم أن القانون الانتخابي يظل قائما طالما لا يوجد ما يلغيه، وبالتالي كان الاجدر بالباحثين في المواد الدستورية الالتزام بالدستور وإجراء الانتخابات بوقتها على اساس القانون الموجود.

في السياق عينه، ترى مصادر مقرّبة من عين التينة أن استمرار التعنّت السياسي سيؤدي الى وضع لا يتمناه احد، مشددة على أن من يراهن على فراغ في قصر الرئاسة الثانية هو واهم، مشيرة الى أن الفراغ ليس "لعبة" ولن يكون محصورا بالمجلس النيابي بل سيؤدي الى سقوط كل المؤسسات الأخرى.

لا يبدو أن خاتمة الازمة التي نمر بها ستكون قريبة، ومن هنا يمكن القول أن "صيف لبنان يتحضر للإشتعال".

(1) الفقرة الرابعة من المادة 65: حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية إذا امتنع مجلس النواب، لغير أسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي أو طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر أو في حال رد الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. ولا تجوز ممارسة هذا الحق مرة ثانية للأسباب نفسها التي دعت إلى حل المجلس في المرة الأولى.