تتحدث مصادر نيابية عن وجود تخبط على مستوى السلطة في المواقف المعلنة من ملفات سياسية ملحّة، ممّا يؤشر الى غياب في المقاربة الصحيحة لما يراد تحقيقه على صعيد العهد الرئاسي.

وتعطي هذه المصادر مَثَلَي التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقانون الإنتخاب للدلالة على هذا التخبّط. ففي المسألة الأولى، جدّد مجلس الوزراء للحاكم رغم كل ما قيل سابقا عن وجود معارضة رسميّة لهذا القرار وصلت حدّ تسمية إحدى الشخصيات الإدارية-المالية لهذا المنصب، في حين تبلّغت بعثات دبلوماسية قرار الرفض، قبل أن تعود الحكومة الى التجديد 6 سنوات كاملة لسلامة. وكان على المسؤولين عدم ترك انطباع لدى القطاع المالي والمصرفي طيلة هذه المدة، بأن التجديد لسلامة تعتريه مشاكل، وانه كان باستطاعة هؤلاء حل هذه المشاكل بطريقة لا توحي بأن التجديد حصل لان الرافضين له عجزوا عن تأمين الأصوات المطلوبة داخل مجلس الوزراء لرفضه.

تضيف المصادر، أما في ملف قانون الإنتخاب فإنتقلت السلطة من البحث عن مشروع جديد الى تعويم قانون العام 1960. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد أكد أنه اذا لم يحصل توافق على قانون للانتخابات فانه لا يمكن ترك البلاد "فالتة"، ولا بد من تطبيق الدستور وإجراء انتخابات نيابية في مهلة تسعين يوما بعد انتهاء ولاية المجلس الحالي، على اساس القانون النافذ وهو "الستين". وترى المصادر ان التيار الوطني الحر ورئيسه منذ بداية المشاورات والاتصالات حول هذا الملف، تصرف وكأن عملية اقرار قانون للانتخابات هي صراع سياسي بين عين التينة وبعبدا، من دون ان تكون للتيار رؤية محددة عما يريده سوى القول إنه يبغي التمثيل النيابي الصحيح، او خطة بديلة في حال عدم التوصل الى مبتغاه .

واشارت هذه المصادر الى انه كان بمقدور الوطني الحر ان ينسّق مع الجميع لتحقيق مطالبه، دون ان تؤدي تصرفاته الى وصفه بالطائفي والمستفزّ، مع المحافظة على حقّه في الذهاب الى الآخر، في ما يعتقد انه يؤمن له قانونا عادلا يسمح بالتمثيل الصحيح لجميع مكونات الشعب اللبناني، او مواجهة من يرى انهم مسؤولون عن فشل الشعارات التي رفعها.

وفي هذا السياق رأت المصادر ان إنتقال الوطني الحر من التهويل بالشارع، الى رفض قانون الستين، ومن ثم البحث عن تسوية، مؤشر الى ان خياراته صعبة التحقيق، لذلك إضطر الى التراجع عنها، وهو بذلك يكون قد ساهم اكثر من غيره، ومن غير قصد، في تعثر العهد الذي خرج من رحمه.

ونصحت المصادر التيار البرتقالي بأن يبدل في تكتيكاته واستراتيجيته لتحقيق ما يصبو اليه، ولمساعدة العهد في تزخيم انطلاقته، وهو على ما يبدو بحاجة الى الروية، والى لجنة استشارية من المخلصين يعاونون قيادة التيار في أي موقف وقرار تنوي إتخاذه، ربما ذلك يؤدي الى منع الفراغ او النزول الى الشارع او اجراء الانتخابات النيابية على اساس الستين، خصوصًا وان عيون الأنظمة العربية ولا سيّما دول الخليج تراقب عن كثب تحركات هذا التيار منذ انتخاب زعيمه رئيسا للجمهورية .