عاد الوفد النيابي اللبناني من اميركا بعدما بحث في قضية العقوبات المالية الجديدة على بعض الشخصيات والجماعات المتعاطفة مع حزب الله والتي تدور في فلكه. وطمأن بعض من هذا الوفد ونقلاً عن المرجعيات الاميركية المسؤولة والتي تقف وراء النصوص الجديدة التي ستسلك دربها الى الكونغرس مجدداً ان ما سرب منها ليس صحيحاً.

وهنا يطرح سؤال كبير نفسه. اذا كان ما سرب ليس صحيحاً فما هو الصحيح اذن؟ ومن يقف وراء تسريب ما تسرب؟ وما الغاية منه؟ وما هي الاهداف؟

في العام الماضي وعندما حكي عن عقوبات اميركية اقتصادية ومباشرة على لبنان قيل ان الوفد اللبناني بحث مع الاميركيين في هذه العقوبات فذهب الوفد النيابي بعد وفد اقتصادي ومصرفي وعاد ليطمئن اللبنانيين ايضاً فما كان ان بدأ تطبيق العقوبات على "ابو جنب"وطرف ولم يوفروا مؤسسة شيعية ولاي جهة انتمت من العقوبات واغلقت مئات الحسابات التي كانت مفتوحة باسماء شخصيات شيعية وغير حزبية ولمجرد الشبهة. ولانعاش الذاكرة فهناك مصرف تبرع صاحبه من "تلقاء" نفسه الى تطبيق العقوبات على كل شيعي يتعامل مع فروع مصرفه المنتشرة في لبنان لمجرد انه شيعي. فيما سجل لمصرفي كبير وبارز ويمتلك مصرفاً في لبنان انه قال للاميركيين في واشنطن انه لن يتعامل الا بالليرة اللبنانية وسيعطي قروضاً بالليرة اللبنانية واخرس الاميركيين وقتها وما زال يعمل بوحي القوانين اللبنانية لا الاميركية التي انتهكت خصوصيتنا المالية والتشريعات اللبنانية ومسحت بـ"السيادة" اللبنانية الارض ولم توفر لا صغيراً ولا كبيراً.

الوفود النيابية التي ذهبت الى واشنطن اخيراً، قامت بواجبها وبكل امانة من دون شك ولا سيما انها ارسلت من رئيس المجلس نبيه بري الذي لا يغبر احد على احترامه الدستور ويتقن العمل المجلسي واختصاصه التشريع لكن ارادة الرئيس بري الصادقة في تجنيب لبنان مأزقاً جديداً لا تكفي وحدها اذا ما تبرعت الدولة اللبنانية والحكومة وقواها الممثلة فيها او بعضها بأداء دور الشرطي الذي سيطبق العقوبات الاميركية على جزء وازن من اللبنانيين. فمن يعتقد او يتوهم ان التضييق على الطائفة الشيعية والمتحالفين معها من سنة ومسيحيين ودروز ومن يؤيد ويحمي المقاومة ويؤمن لها هذا الامتداد الوطني الكبير سيخدمه فهو مشتبه ومخطئ جداً.

فالمال هو عصب اي اقتصاد او بنك او دولة او اي مؤسسة فأي تخل عن سيادة الدولة والسماح للاميركيين وغيرهم بالتدخل في كل دولار يتحرك في لبنان او حتى ليرة لبنانية هذا يعني ان كل الحركة والنمو والملاءة المالية التي يتبجح بعض اهل السلطة والمصرفيين فيها سيتجمد ويتضاءل فالدولار او الالف ليرة الذي يمتلكه شيعي او مقاوم او ممانع لاميركا ووكلائها في الشرق لن يبقى في جيبه بل يصرف ويدور في كل القطاعات الحيوية والاقتصادية. بمعنى آخر ان حصار الطائفة الشيعية مالياً لن يتوقف عند حدود المناطق الشيعية فسيشمل كل الحركة الاقتصادية والتجارية والمصرفية وسيتضرر كل لبنان منه هذا في الجانب المالي. اما في الجانب السياسي ومفاعيله على الدولة فعندما لا تأخذ الحكومة والسلطة ومجلس النواب وكل السلطات اللبنانية قرارات سيادية وتتصدى للانتهاكات الفاضحة لماليتنا هذا يعني ان اي رد فعل سياسي او من اي نوع كان يجب ان تتحمل هذه السلطة وزره وهي تتعاطى إما بتواطؤ او باستخفاف مع كل التهديدات الاميركية والانتهاكات السافرة لسيادة لبنان المالية وللعلاقة بين مكوناته السياسية والطائفية والمذهبية فهذا يعني اننا امام مخطط لتفجير الوضع بأي شكل من الاشكال. فاللعب بلقمة العيش وعيش الناس معناه مشروع حرب اقتصادية لا تقل ضراوة عن حرب المدفع.

واخيراً لكل من يطمئن انه "مطمئن" ويأمن جانب الاميركيين وبعض اللبنانيين فحري القول له وتذكيره لا تنم على حرير وما خفي كان اعظم.