بعد ساعات قليلة على تأكيد أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله على حرص الحزب على إنهاء ملف الجماعات المسلحة المتمركزة في جرود بلدة عرسال، بالطرق السلمية والتسويات الممكنة، تحرك عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة للإنقضاض على مواقع تابعة لهيئة "تحرير الشام"، أي جبهة "النصرة" سابقاً، ظنا منهم أن عناصر الهيئة قد تكون على إستعداد لإبرام تسوية مع حزب "الله" يدفع "داعش" ثمنها، في حين هو يواجه العديد من الحملات العسكرية التي تستهدف معاقله في سوريا والعراق.

عند الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم السبت الماضي، شنت مجموعات تابعة لـ"داعش" هجوماً من مناطق سيطرتها في جرود رأس بعلبك باتجاه ​جرود عرسال​، تركزت في منطقة وادي حميد، التي تتواجد فيها مخميات النازحين السوريين، وامتدت إلى مناطق شميس العجرم، خربة داوود، الشاحوط سرج النمورة، الملاهي، العجرم، وخربة يونين في جرود عرسال، لكن عناصر "تحرير الشام"، بالتعاون مع "سرايا أهل الشام"، نجحوا بإفشال هذا الهجوم ومنعه من تحقيق أهدافه، إلا أن ذلك لا يلغي إمكانية تكراره في الأيام المقبلة، خصوصاً إذا ما شعر "داعش" أن التسوية باتت أمراً واقعاً.

في هذا السياق، تشير مصادر لبنانية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى وجد إصرار على إنهاء هذا الملف بأي طريقة، لا سيما في ظل التحوّلات التي تشهدها الساحتين السوريّة والإقليميّة، لكنها تلفت إلى أن الرغبة هي أن يتم الإنتهاء من وجود ​الجماعات الإرهابية​ في الجرود عن طريق تسوية سياسية، لكنها في المقابل تؤكد الإستعداد للقيام بعملية عسكريّة في حال أصرّ المسلحون على رفض كل المبادرات التي تُقدّم لهم.

وتوضح هذه المصادر أن طرح الوصول إلى تفاهم مع تلك الجماعات يعود إلى أشهر طويلة إلى الوراء، لكن في الماضي فشلت الجهود التي بذلت في الوصول إلى نتائج إيجابية، وتشير إلى أن بعض القيادات في "تحرير الشام" كانت تعارض أي تفاهم لحرصها على ضمان سلامتها الشخصية، الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى الإستمرار في العمليّات الأمنيّة الإستباقيّة التي قادت إلى القاء القبض على مجموعة من المطلوبين، بالتزامن مع الإستهداف الدائم لأي تحرك مشبوه في المنطقة، وتضيف: "هناك قرار حاسم بمنع تلك العصابات من الشعور بالهدوء أو الراحة لدفعها نحو الإستسلام إلى حل يضمن سلامة الأراضي اللبنانية".

وقبل أيام من هذا الهجوم، كان هاجس التفجيرات الإرهابية قد عاد إلى الواجهة في قرى البقاع الشمالي، من خلال العبوتين الصغيرتين اللتين أنفجرتا في رأس بعلبك، ليكتشف الجيش بعد ذلك وجود عبوة ثالث، ومن ثم يتم توقيف اللبناني ح. الحسن من بلدة عرسال، الذي لم يتأخر بالاعتراف بمشاركته مع آخرين في زرع العبوات في رأس بعلبك، الأمر الذي قاد إلى توقيف بلال البريدي، أثناء مداهمة قوة من مخابرات الجيش منزل الموقوف الحسن ومنازل أخرى، لكن البريدي أقدم على تفجير نفسه ما أدى إلى مقتله وإصابة عدد من العسكريين بجروح غير خطرة.

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر مصادر سوريّة معارضة، عبر "النشرة"، أن لدى "داعش" خطة لتحريك الجبهة على الحدود اللبنانية، إنطلاقاً من الضغوط التي يتعرض لها على أكثر من جبهة أخرى، وتلفت إلى أن الهجوم على جرود عرسال يعود إلى إعتقاده بالقدرة على الإستفادة من ورقة النازحين، الذين من الممكن أن يتخذهم دروعاً بشرية في أي معركة قد تحصل في المستقبل، كما يستطيع مصادرة المساعدات الغذائية التي يحصلون عليها لتأمين مقومات البقاء لعناصره، لكنها من جهة ثانية تجزم بأن الحديث عن تسوية مع "حزب الله" أمر سابق لأوانه، وتؤكد أن الجهود التي كانت تبذل منذ أشهر متوقفة وهي لم تصل الى أي نتيجة، وتشدد على الوضع الصعب الذي تمر به هذه المنطقة، لا سيما في ظل الدعوات إلى إنهاء الوضع القائم فيها من جانب "حزب الله" والقوى والشخصيات التي تدور في فلكه، وتعتبر أن الدعوة الأخيرة التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تصبّ في هذا الإتجاه.

في المحصلة، لا تزال أزمة جرود عرسال عالقة بانتظار الوصول إلى حلّ، لكن الأكيد أن عناصر "داعش" سيبحثون عن أي وسيلة لحماية أنفسهم من الإستهداف في الفترة المقبلة، في حين أن الأجهزة الأمنية ستبقى ساهرة لمنعهم من أحداث أي خرق في الداخل اللبناني.