أفادت صحيفة "الخليج الجديد" نقلا عن صحيفة "​نيويورك تايمز​" الأميركية أن "الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، الذي لم يخف أبدا عداءه لإيران دعا مؤخرا إلى وضع استراتيجية إقليمية كبرى بين الدول السنية لعزلها البلاد. لكن طهران تلقت هذا التهديد باتزان مثير للدهشة، لأن إدارة ترامب أظهرت عمليا رغبتها في القيام بأعمال تجارية مع إيران، خاصة بعد القمة الأخيرة في السعودية التي جلب منها مئات المليارات".

وأشارت الصحيفة الى أنه "على السطح، بدا كما لو كان هناك الكثير من الأخبار السيئة في الآونة الأخيرة لإيران. وفي القمة العربية الأميركية الأخير بالسعودية، حيث كان ترامب ضيفا لدى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، لقت إيران إدانات من دول الخليج وأميركا لدعمها الإرهاب وتدخلها في الشؤون الداخلية للخليج"، لافتةً الى أن " قال ترامب حتى يبدى النظام الإيراني رغبة في أن يكون شريكا للسلام، يتعين على جميع الدول الواعية العمل معا لعزل إيران، ومنعها من تمويل الإرهاب".

وأوضحت أنه "خلال هذه القمة السعودية الأميركية، وقع الملك سلمان وترامب عدة اتفاقيات تعاون عسكري ودفاعي وتجاري بقيمة 460 مليار دولار، فيما قال وزير التجارة السعودي "ماجد القصبي" أن بلاده منحت تراخيص للاستثمار بالسعودية لـ23 من كبرى الشركات الأميركية".

ووقعت السعودية والولايات المتحدة اتفاقيات دفاعية بقيمة 460 مليار دولار، منها 110 مليارات قيمة صفقات عسكرية سابقة، وستسلم بموجبها واشنطن أسلحة على الفور للجانب السعودي، بالإضافة إلى صفقات تعاون دفاعي بقيمة 350 مليارا على مدى 10 سنوات.

واعتبر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي أن مثل هذه الصفقات ستفضي إلى لا شيء، لافتاً الى أن "هؤلاء الحمقى يعتقدون أن بإنفاقهم هذه الأموال سيكسبون صداقة أعداء الإسلام، هم مثل البقرة الحلوب يستدرون لبنها ثم يذبحونها عندما ينضب".

ورغم أن الحديث قاسي بين الجانبين الأميركي والإيراني، تنتظر إيران، تسلم أسطول من طائرات بوينغ الأميركية الصنع، بموجب صفقتين بقيمة 22 مليار دولار للشركة الأميركية.

وكان أحدث عقد وقع بين بوينغ وشركة الطيران الإيرانية أسيمان بعد شهرين من تولي ترامب الرئاسة.

ولفتت الصحيفة الى أنه "يبدو أن ترامب، الذي كانت حملته الأميركية الأولى تقوم جزئيا على الوعد بإنعاش العمالة الصناعية، لم يكن ليقدم على إلغاء أمر يوفر 18 ألف فرصة عمل"، مشيرةً الى أنه "خلال الحملة الرئاسية، رفض ترامب الاتفاق النووي مع إيران، ووصفه بأنه أسوأ صفقة على الإطلاق، ولكن في نيسان وأيار وقع بهدوء على تنازلات حاسمة عن بعض العقوبات التي تسمح ببقاء الصفقة والسماح لإيران بتسيير الأعمال التجارية الدولية والحصول على الأموال التي تجمدها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة".

ورأت أن "أدلة أخرى على أن إدارة ترامب على استعداد للتعامل مع ​ايران​ جاءت خلال المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الرياض، والذي جاء بعد خطاب ترامب، حيث سئل "ماذا لو حصل أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتصل بك؟ قال تيلرسون إنه سيتحدث إليه؟".

وأكد تيليرسون "أنني لن أغلق الهاتف في وجه أي شخص يريد التحدث أو إجراء محادثة مثمرة".

وأشارت الى أنه يبدو أن "إدارة ترامب قد التقطت نقطة مهمة حول إيران وهو أن الأمر الذي تشكو منه الإدارة وتشعر بالقلق إزاءه وهو توسع إيران المتزايد في المنطقة يجعل من الضروري أن تحافظ الدولتان على علاقة عمل على الأقل"، لافتةً الى أن " الولايات المتحدة ستواجه وقتا عصيبا لحل المشاكل فى الشرق الأوسط بدون تعاون طهران في لبنان حيث تدعم "حزب الله". وفي سوريا، حيث تدعم حكومة رئيس النظام بشار الأسد. وفي العراق، حيث تدعم حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وتدرب الميليشيات الشيعية القوية؛ وفي اليمن، تدعم إلى حد ما المتمردين الحوثيين ضد الحكومة".

ولفتت الصحيفة الى أن "هذا هو السبب في أن بعض المحللين يقولون أن هناك مجالا للتوصل إلى حل توافقي إذا جلس البلدان للحديث، مع العلاقات التجارية لأميركا يمكنها السيطرة على الاقتصاد الإيراني للحصول على تنازلات في الشؤون الإقليمية من إيران".

وفرضت إدارة "ترامب" سلسلة من العقوبات على الأفراد والشركات بعد أن أجرت إيران اختبارا صاروخيا فى شباط الماضي. ولكن ذلك يتماشى مع السياسات التي وضعها الرئيس السابق باراك أوباما.

ويوم الخميس الماضي، وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على مجموعة واسعة من العقوبات ضد إيران لانتهاكها حقوق الإنسان ودعمها للإرهاب.

واقترح الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أعيد انتخابه مؤخرا، أن يتمكن الجانبان من ترتيب المحادثات بعد أن تتمتع إدارة ترامب بمزيد من الوقت في السلطة، ويكون لدى طهران المزيد من الوقت لتقييم الزعيم الأميركي.

وأكد روحاني في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي "أننا ننتظر من الحكومة الأميركية الجديدة تحقيق الاستقرار من حيث اتخاذ موقف وعقلية محددة"، مشيراً الى أنه "سيكون لدينا وجهة نظر أكثر دقة فيما يتعلق بواشنطن".

ولفتت الصحيفة الى أنه "وعلى الجانب الأميركي، فإن خبرة القطاع الخاص التي يتمتع بها الكثيرون في الإدارة الجديدة قد تجعلهم أكثر قبولا لفكرة المفاوضات، بحسب المحلل السياسي الإيراني ما شاء الله شمس الواعظين الذي قال ترامب، تيلرسون، والآخرين؛ هذه إدارة رجال الأعمال. إنهم يحلون المشاكل من خلال التعامل وليس القتال".

وأكد مستشار لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه "لا يستبعد المفاوضات المباشرة، لكن الإيرانيين ما زالوا يحاولون قراءة ترامب".

وأشار المستشار حسين شيخ السلام "إنه رجل أعمال، لكنه حتى في الأعمال التجارية يتصرف بشكل متهور ولا يمكن التنبؤ به".