يقدر الرئيس نبيه بري أن البرلمان يستمر في الإنعقاد، بعد فترة توقيفه (الفترة التي تم تأجيل إنعقاده فيها). وهذا القول حمّال أوجه. فهل يقصد رئيس المجلس النيابي أنّ مجلس النواب يقدر أن يجتمع من دون عقد طبيعي أو إستثنائي؟ أو انه يستأنف نشاطه الطبيعي في الإنعقاد في عقد (دورة) طبيعي أو إستثنائي، وبين الأمرين فرق دستوري كبير.

وفي التقدير أنّ دولته كان يقصد إستعجال مرسوم الدورة الإستثنائية ليستأنف مجلس النواب أعماله ونشاطه التشريعي والرقابي... ولو لم يكن هذا هو قصده لما كان طالب بفتح الدورة الإستثنائية... فهو إستغرب عدم إصدار مرسوم فتحها حتى الآن.

ومن الواضح، في منأى عن ذلك، وعن الجدال الدستوري الذي له أربابه وقد تحدث أحد أبرزهم، أمس، الدكتور بول مرقص مستغرباً مجرّد أن يبادر رئيس المجلس الى تحديد موعد للجلسة إذ ليس ثمة «إمكانية شرعية» لعقد جلسات فيما لا دورة عادية أو إستثنائية... نقول في منأى عن ذلك كلّه فإنّ الرئيس نبيه بري يجد نفسه مستهدفاً في هذه المرحلة، سواء أكان هذا الإعتقاد صادراً عن مجرّد شعور وإحساس أم إنه مبني على وقائع ملموسة.

فلم يكن بالأمر البسيط أنّ الرئيس نبيه بري أمضى أسابيع طويلة وهو يرد على كل مشروع أو تصريح يصدر عن وزير الخارجية جبران باسيل، وإن كان الوزير باسيل يمثل ليس نفسه وحسب، بل أيضاً رئيس الجمهورية، ناهيك بحزب التيار الوطني الحر الممتد في مختلف أنحاء الوطن.

ويدّعي البعض، ممن يزعمون أنهم على إطلاع على ما يختلج في صدر الرئيس النبيه انه يصارح (في جلسات المقرّبين) بأنه صحيح لم يكتف بعدم تأييد العماد ميشال عون للرئاسة، بل هو عمل جاهداً ضدّه، وقدم للوزير سليمان فرنجية دعماً غير مسبوق، ولكن هذا إنتهى مع تصديق جلسة إنتخاب الجنرال رئيساً... وبالتالي كان يُفترض أن يكون «الطرف الآخر» (أي الرئيس عون وفريقه) في تفكير مماثل، ولكنّ هذا لم يحصل.

إلاّ أنّ المعلومات المتوافرة تفيد بأن الرئيس عون كان على تواصل مباشر مستمر بالرئيس سعد الحريري، وعلى تواصل مستمر (وإن غير مباشر) بالرئيس نبيه بري، وبالتالي فهو لم يقطع الشعرة مع أحد، ومن باب أولى ألاّ يقطعها مع الرئيس بري خصوصاً وهو يمثل ما ومن يمثل، وهو صاحب الحضور الكبير في «اللعبة السياسية» وهو صاحب الخبرة والتجربة الثريتين على إمتداد نحو 35 عاماً حفلت بالحرب وبالسلم، بالإضطراب وبالإستقرار، بالتحالفات والمنافسات الخ...

ولقد يكون الكلام المنقول عن «الطرفين» جميلاً، إلاّ أنّ ما يمارس على الأرض بعيد جداً عن العواطف والتمنيات. وقد لا نكشف سراً إذا قلنا إنّ أبا مصطفى أخذت تنتابه الهواجس جراء ما تنقله اليه العصفورة من أنّ التيار الوطني الحر وبعض حلفائه المستجدين قد يكونون يبحثون عن بديل في الرئاسة الثانية بعد إجراء الإنتخابات النيابية التي يقوم شبه إجماع على إجرائها قبل نهاية العام الجاري بالتأكيد.

ولـمّـا قيل لأحد المتحمسين لهذا الخيار: ولكن حزب اللّه سيمون عليكم في النهاية، أجاب: ولماذا لم يكن للحزب مونة على الرئيس بري في إنتخابات رئاسة الجمهورية؟!