قالت مصادر نيابية وسياسية وقانونية ان تطبيق الدستور أصبح وجهة نظر وليس أمرا ملزما لجميع المسؤولين في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائيّة، انطلاقا ممّا حصل في لبنان منذ ​اتفاق الطائف​ .

وتشير هذه المصادر الى ان المسألة تبدأ ولا تنتهي عند عدم تطبيق مضمون الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف، بعد مرور اكثر من عشرين عاما على اعتماده، حيث لم يتم إلغاء الطائفية السياسية، ولم يُقر قانون انتخابات على أساس غير طائفي، كما أنّ المخالفات الدستورية منذ ذلك الوقت حتى اليوم اكثر من أنْ تحصى، حتى ان انتخاب ​ميشال سليمان​ رئيسا للجمهورية حصل خلافا للقانون والدستور، ولم يتحفّظ على ذلك سوى نائب واحد .

وتضيف المصادر، انّ التمديد للمجلس النيابي تحت ذرائع لم تعد موجودة هو ايضا مخالف للقانون، ولإرادة الشعب الذي حدد وكالة النواب بمهلة زمنية! .

ولفتت المصادر، انه باستطاعة اي أستاذ في القانون الدستوري، وليس بالضرورة ان يكون عالما دستوريا كالذين يعددهم احد النواب في كل مرة يتقدم باقتراح قانون معجل مكرر للتمديد، أن يفتي بعدم دستورية التمديد للمجلس النيابي، ناهيك عن المئات من الملفات التي أُنجزت ومعظمها مخالف للدستور .

وتطرّقت المصادر الى الابتعاد عن الطائفيّة في إطار البحث عن قانون جديد للانتخابات، كما لو أنّ لبنان ومؤسساته ومجتمعه ومدارسه وأحزابه تُمارس عملها ونشاطها بعيدا عن الطائفية، وكأن جميع موظفي الدولة يختارهم ​مجلس الخدمة المدنية​ حسب كفاءة كل واحد منهم بعيدا عن طائفته، ويتم تعيين موظفي الفئة الاولى في مجلس الوزراء بناء على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب!.

وأكدت المصادر أنّ الصراع اليوم هو صراع سياسي يلجأ فيه كل طرف الى تفسيرات قانونيّة ودستوريّة في غير محلّها ليثبت وجهة نظره او ليتغلب على خصمه.

ولفتت المصادر نفسها الى ان معركة قانون الانتخاب والاتصالات الجارية، قبل الانتخابات ونتائجها، توحي بوجود نوايا لإحداث تبدل جدّي في الخريطة السياسيّة القائمة اليوم، تقوّض كليا ما كان قائمًا من تركيبة سياسيّة قبل الانتخابات الرئاسيّة، أي قوى الثامن من آذار والرابع عشر من آذار .

ولاحظت المصادر ان قول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان هذه الحكومة ليست حكومة العهد، وإن نتائج الانتخابات وحكومة ما بعد الانتخابات ستعكس وتثبت هوية الحكومة المقبلة بالنسبة للعهد وسيّده، يعني أنّ تكوينها سيكون منسجما مع تطلعات رئيس الجمهورية، نحو الإصلاح والقضاء على الفساد واقرار القوانين التي تقدم بها يوم كان رئيسا لتكتل "التغيير والإصلاح" وزعيما للتيار الوطني الحر.

وتوقّعت المصادر ان يتعزّز التحالف بين تيار المستقبل والقوى المسيحيّة بعد الانتخابات، سواء في المجلس النيابي او في الحكومة وإدارة الدولة، لا أن يبقى كما هو الحال اليوم، حيث لا يمكن اقرار قانون اذا لم تكن هناك موافقة مسبقة من رئيس المجلس النيابي عليه .

ورأت المصادر ان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة مهما كان شكل القانون، مؤاتية لهكذا تحالف، بعد ان قرر رئيس الحكومة وزعيم تيار المستقبل ​سعد الحريري​ التعامل مع الواقع الجديد الذي أوصل عون الى قصر بعبدا، بواقعية تؤمّن مصالحه السياسيّة، حيث لن يسمح رئيس الجمهورية بتكرار الانقلابات التي قام بها رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب ​وليد جنبلاط​ ورئيس المجلس النيابي نبيه بري بطلب من حزب الله، ضده ووافقوا على إسقاط حكومته، بالرغم من العلاقات الجيدة التي كانت قائمة بينهما.

وقالت المصادر انه بعد ان ثبتت مكانة الحريري السياسية كزعيم للطائفة السنية، وسقطت كل الرهانات على ان الرياض تخلّت عنه وتبحث عن زعيم جديد في لبنان، فإنه سيتمكن كما هو حاصل اليوم من تدوير الزوايا ولعب دور فعال في تقريب وجهات النظر بين بعبدا ودول الخليج، وخصوصًا المملكة العربية السعودية، والابتعاد عن التشنّج السياسي مع حزب الله، مما سيؤدي الى شراكة حقيقية بين السلطات الثلاث، لا ان تبقى الامور على ما يريد البعض ان تكون، في صراع مستمرّ بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وهو الصراع الذي لا يخدم لبنان واللبنانيين في أي من المجالات .

وخلصت المصادر الى أن هذا السيناريو المحتمل يزعج رئيس المجلس النيابي وحركة أمل، لا سيّما وأن إعادة انتخابه على رأس السلطة التشريعية بعد الانتخابات النيابية، لن تكون بالسهولة التي يراها بري الذي يتحدّث بضمان عودته الى رئاسة المجلس النيابي.