تمتهن مئات العائلات اللبنانية صيد السمك وبيعه، وتشكل لهم هذه المهنة مصدر الدخل الوحيد، لذلك لطالما سمعنا شكاوى الصيادين عن "ضعف" انتاجهم وقلته بسبب الملوثات الكيميائية والعضوية التي تقتل السمك، ولكن لا نسمع كثيرا عن الضرر الذي يسببه هؤلاء أنفسهم على الحياة البحرية من خلال استعمال وسائل الصيد "الملتوية".

كثيرة هي وسائل الصيد البحري الممنوعة، من استعمال الديناميت الى جاروفة البر، غطس القنينة وغطس الليل الى غيرها من الوسائل التي يعلمها الصيادون عن ظهر قلب ويعلمون بعدم قانونيتها وضررها الكبير على الثروة البحرية، ولكنهم يصرون على استخدامها. وفي هذا الإطار يرى عالم البحار ماركوس هادو أن "مشكلة الصياد هي انه يريد العيش، ولكن النظام الخاطئ والوزارات غير المسؤولة هي من تدفعه للاستعانة بالصيد غير الشرعي"، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن غياب الوزارات عن تحمل المسؤوليات وتطبيق القوانين جعلت الصياد يتجه نحو وسائل الصيد الممنوعة.

بالإضافة الى "طرق" الصيد غير القانونية يقوم الصيادون بحسب هادو برمي شباكهم على مسافة لا تزيد عن 500 متر عن الشاطىء، الامر الذي يعتبر مخالفا أيضا للقوانين. ويقول: "لا يحق للصياد ان يصطاد على بعد اقل من 500 متر من الشاطئ، وعلى عمق اقل من 25 قامة اي بحدود 30 متراً، للحفاظ على صغار الأسماك"، مشيرا الى أن "المشكلة الاكبر ستكون بحال تشريع استعمال وسيلة الصيد المعروفة بـ"جاروفة البر" وهي عبارة عن رمي "شباك" ذات قياس صغير على الشاطىء مباشرة و"جرف" كل ما يحتويه من أسماك كبيرة وصغيرة ومخلوقات بحرية لا يجب اصطيادها".

بدوره يكشف رئيس تعاونية صيادي الأسماك في ميناء الضبية عبد الله بو خليل أن رؤساء التعاونيات لا يملكون سلطة تطبيق القوانين، بل تنبيه الصيادين والإبلاغ عنهم بحال المخالفة. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "إن مسألة تطبيق القانون منوطة بيد ​وزارة الزراعة​ ولغاية الان قانون الصيد الجديد لم ينته، ومع تغيّر الزمن وطرق الصيد ازداد الصياد الفقير فقرا"، مشددا في نفس الوقت على "أننا لسنا مع عدم الالتزام بقانون الصيد لاننا سنصل الى مكان لن نجد فيه السمك، واذا كان انتاجنا المحلي يعادل 10 بالمئة من استهلاكنا فإننا سنصل الى أقل من ذلك بكثير".

ويلفت بو خليل النظر الى أن "مبادرات فردية انطلقت في ميناء الضبية لخلق محميات موقتة واعتبار مناطق بحرية محددة محميات طبيعية لعام واحد مما يسمح بزيادة الثروة السمكية بنحو 20 بالمئة".

لا يزال قانون الصيد البحري الذي وُلد إبان الإنتداب الفرنسي على لبنان مطبقا، بانتظار أن يرى القانون الجديد النور قريبا، ولكننا حتى ذلك الحين، بحاجة الى تطبيق القوانين والالتزام بالشروط "الطبيعية" و"الوضعية" للصيد كي لا نصل الى مرحلة نفتقد فيها للسمك في البحر اللبناني.