الحرس الثوري الإيراني​ قصَف دير الزُّور شرق سوريا مستهدفاً إرهابيين ومستخدماً صواريخ أرض-أرض متوسطة المدى على بُعد سبعمئة كيلومتر من قواعد داخل ايران في محافظتي كردستان وكرمنشاه.

العميد رمضان شريف، المتحدث باسم الحرس الثوري الايراني صرّح بأن هذه الضربة هي رسالة تحذيرية لداعمي الجماعات الإرهابية في المنطقة والعالم.

ولكن، بعيداً عن التصاريح المعلنة، تطفو على مشهدية الحدث تساؤلات عدة، أبرزها تتمحور حول الأسباب الموجبة الفعلية لهذه الضربة؟ وماهية أهدافها؟.

بالعودة الى التصريحات الرسمية الإيرانية؛ نجد أن الأسباب قد اختُصرت بمسألتين:

-الإنتقام لضحايا هجومي البرلمان وضريح الخميني.

-رد على قرار العقوبات الجديدة التي سنها الكونغرس الأميركي ضد ايران.

أما الأهداف؛ فهي وبحسب التصاريح الإيرانية أيضا :

-مكافحة الإرهاب

-رسالة تحذيرية للارهابيين وداعميهم

-التذكير بمدى تطور المنظومة الصاروخية الإيرانية .

لا شكّ أن ما سبقَ بيانه هو غيضٌ من فيض .

كَثرت التحاليل حول هذه الواقعة. أجمع المتابعون أن تنظيم داعش؛ الذي أعلن ارتكابه للهجومين الإرهابيين في طهران؛ قد تلقى درساً ايرانيا وخسائر في صفوفه جراء القصف الصاروخي .

الهلع الإسرائيلي من قدرة "الردع" الإيرانية طفت الى العلن. ولكن، يبقى ما يلي، مَن هم مسلحو دير الزُّور؟. ومَن هم داعموهم؟ .في العام 2015 سيطر تنظيم داعش على دير الزُّور. في العام 2016 فرض حصار عليها .احتلال داعش لمطار دير الزُّور حصل بعد السيطرة على تلال الثردة في ايلول من العام المنصرم عقب الهجوم الجوي لقوات التحالف على مواقع للجيش السوري في تلك التلال .أعلنت أميركا أنه هجوم عن طريق الخطأ. تقرير التحقيق كشف العكس.

في شباط من العام الحالي أعلنت قوات "سوريا الديمقراطية" سيطرتها على 15 قرية في دير الزُّور كانت تحت قبضة داعش. تضم هذه القوات تحالفاً كرديا-عربيا يحظى بدعم أميركي ودعم قوات التحالف. ولكن مَن ينضمّ مِن العرب؟ في تشرين الثاني من العام 2015 أعلن خمسة عشر فصيلا في بيان مصور انضمامهم لقوات سوريا الديمقراطية. غالبيتهم كانوا ينتمون الى الجيش السوري الحر. انضوى تحت ألويته إرهابيون يحملون جنسيات عربية متعددة.

يبدو أن ايران بقصفها الصاروخي لدير الزُّور أصابت أكثر من هدف. إنّ تصريح العميد شريف الذي لم يذكر بكلمته فقط استهداف تنظيم داعش؛ بيّن أن ايران توجّه تهديدا مباشرا لكل من أميركا ودول عربية وتحذيرا باردا لتركيا .

إنّ طهران برسالتها جزمت بأنها لن تتهاون أو تهادن أمام محاولة البعض نقل ساحة الدماء الى ايران بعد بدء انقشاع انهزام مشروع إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إنّ التوقيت هو الرسالة، خصوصًا أن الصواريخ الإيرانية انهمرت بعد إسقاط أميركا لطائرة سورية. أرادت ايران التذكير أيضاً بالخطوط الحمراء تماما كما فعلت روسيا التي هدّدت باسقاط أي طائرة تقترب من مجال مهمتها.

إن ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سرعان ما تراجعت وأعلنت أنها تريد التنسيق مع موسكو التي كانت قد أعلنت تعليق عمليات التنسيق بعد إسقاط الطائرة السورية. في المدى القريب ستظهر التراجعات أمام إيران.