الحملة التي تقودها السعودية لعزل قطروحصارها يجب الانتهاء منها قبل أن تسبب ضرراً لا يمكن تعويضه، ليس فقط لقطر، ولكن أيضا بالنسبة لجميع بلدان الخليج وجزء كبير من العالم العربي.

يمكننا ان نجد اختلافات سياسية بين القيادة القطرية ونظيراتها في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين وهنالك بعض الاختلافات قد تكون جوهرية، ولكن تبقى هذه الاختلافات مهما كان شانها اقل أهمية من الروابط العائلية التي تجمع هذه البلدان وهذه الروابط تتعلق باللغة والعقيدة وبالتدفق الحر الذي استمر لوقت ليس ببعيد حينما كانت الحدود بين الدول مفتوحة اضافة الى انهم جميها اعضاء في "جامعة الدول العربية".ويشكلون مجلس التعاون الخليجي كي لا نتكلم عن التاريخ المشترك لهذه الدول خصوصاً لناحية الحكم الملكي ... ولعل الأهم من كل هذه الوقائع هو تشابك اسرها في روابط عائلية وقرابة زوجية وعلى كافة المستويات بما في ذلك الأسر الحاكمة لهذه الدول.

نتيجة لكل هذه العوامل فان اي ضرر يلحق بأحد أعضاء "البيت الخليجي" سوف يطال الجميع، اضافة للآثار الضارة التي ستلحق بعشرات ملايين مواطني مجلس التعاون الخليجي، وملايين العاملين المقيمين في هذه الدول، والذين خدموا المجتمعات الخليجية بكل اخلاص لسنوات بل لعقود عديدة. اضافة لكل ذلك فان ثراء وسخاء دول الخليج يساعد بطريقة مباشرة وغير مباشرة سائر الدول العربية ويساهم في تنمية اقتصاد هذه الدول وأي اشكال أو تباطئ في نمو دول الخليج سيؤثر حكماً على معظم الدول الاخرى. لذلك من واجب جميع أفراد الاسرة العربية التدخل السريع والجدي لحل الأزمة قبل بدء اثارها السلبية الجانبية بالظهور سواء على دول الخليج أو على الدول العربية الاخرى.

من المتعارف عليه فان الاشقاء قد يختلفون بين فترة واخرى ولكنهم يبقون اشقاء الى الأبد، من هنا فان الآلية الوحيدة لحل خلافاتهم هي الحوار ومن ثم الحوار، من هنا تكتسب مبادرة دولة الكويت اهمية فائقة لتسوية الخلاف من دون أي تهديد بالتصعيد ما يساهم بالحفاظ على كل دول مجلس التعاون الخليجي بشكل الخاص والوحدة العربية بشكل عام فضلاً عن كرامة وسيادة كل دولة على حدة.

ويكمن الخطر في غياب الحوار، بأن تؤدي التدابير العقابية لنمو الخلافات بين الطرفين واتساع الفجوة بينهما ما يصعب وبشكل كبير تهدئة الوضع وهذا تحديداً ما حصل حتى الآن اذ ان حصار قطر طال وبشكل سريع الجو، والحدود البرية، والبحر، ما أدى الى فصل الاطفال عن ابائهم، في انتهاك صريح للمعايير العالمية لحقوق الانسان، كما لقواعد عمل المنظمات الدولية مثل "الرابطة الدولية للنقل الجوي" IATA، وما عرض الأمن الغذائي للخطر وفرض مشقات للاف الاسر التي علقت على الحدود. وفي الواقع، يشبه هذا الحصار ذلك الذي وقع لمدينة برلين في المانيا ابان الحرب الباردة في صراع عقائدي وايديولوجي بين معسكرين، ومنذ ذلك الحصار لم تتعرض أي مجموعة مدنية لمثل هكذا حصار قاسٍ في وقت السلم.

لا تحل المشاكل والخلافات بين الاخوة بهذه الاساليب القاسية وانما بالصراحة المتبادلة، اذ انه من المفترض ان لا تنسيهم خلافاتهم المؤقتة عمق العلاقة والمصالح والاهداف المشتركة الكثيرة التي تربط فيما بينهم خصوصاً ان الحدود المشتركة تحوي على مخزون غني من النفط والغاز يغني كل دول الخليج اضافة ألى الفوائد التي تتدفق عبر الحدود، من داخل منطقة الخليج وخارجه.

هذه الثروة المشتركة اعطت دول الخليج تطوراً كبيراً ولافتاً ان على الصعيد الصناعات المتعددة أو في تحديث البنى التحتية وتطور الادارات وهنالك ما يكفي لتمويل الاجيال القادمة لكي تستمر بعملية النمو. ان الهدف الاول والأخير لوجود مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي هو لحراسة وضمان حقوق الافراد والجماعة داخل المجلس وبالتالي عدم انتهاك أي من حقوقهم وتأمين حماية الدول ومصالحها. من هنا فاننا نشدد على اهمية الحوار.

والحوار هو ما طالبت به معظم دول العالم كونه يبقى السبيل الوحيد امام دول مجلس التعاون الخليجي لحل مشاكلهم وهذا ما ارتفع في صلوات المؤمنين سواء في كنائس قطر أو لبنان اضافة الى دول عربية أخرى دعت لايجاد الحل السريع، عبر انتهاج لغة العقل.

في هذا الجو، فان ما تقوم به حكومة الكويت من حوار مشكورة عليه مع ما قدمته هذه المبادرة من ايجابيات حتى الان، خصوصاً بعدما اعلنت بعض البلدان التي فرضت حصاراً على قطر عن استثناءات لأسباب انسانية ما منح العائلات التي تواجه العقوبات لذنب لم ترتكبه املاً بحل مشاكلها.

ان هذه النتائج تثبت القيمة الحقيقية للحوار مع امل ان يقتنع الجميع وعلى نطاق واسع بضرورة الاعتراف باستراتيجية المصالحة التي وحدها تجنب أي مواجهات مماثلة في المستقبل.

ان المملكة العربية السعودية والدول المتضامنة معها لديهم الكثير ليربحوه في حال رفعوا الحصار عن قطر في اسرع وقت. خصوصا بعد ان اكد الحصار وطريقته جدية ما يحتم على السعوديين بان يقوموا بخطوة نحو المصالحة ما يريح الوضع في الخليج ويسقط رهانات الذين يطبلون للحرب بين الاخوة.

واخيراً، نعود ونكرر ان جميع دول الخليج لديها الكثير لتخسره اذا لم تتعاون مع بعضها البعض واذا لم تعتمد الحوار والدبلوماسية كوسيلة وحيدة لحل خلافاتها مهما كانت كبيرة ومتشعبة...

ان هذه الرسالة الموجهة من تجمع من لرجال الأعمال مهتمين بالعالم العربي وهو تجمع غير رسمي يتمتع أعضائه بخبرة واسعة في مجال الاعمال في منطقة الشرق ألاوسط، بما في ذلك دول الخليج، يهمه ان يؤكدوا بصوت واحد: أنه في حال تعمق الازمة الحالية لن يفوز احد وانما سيخسر الجميع.

مقالة مترجمة عن اللغة الأنكليزية