تلا المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير البيان الختامي للقاء التشاوري بين الكتل النيابية في قصر بعبدا:

مع استعادة لبنان عافيته السياسية عبر مسار وطني ميثاقي واستقلالي ادّى الى اننتخاب رئيس بإرادة اللبنانيين وتأليف حكومة وحدة وطنية من صنعهم واقرار قانون انتخابات نسبي جديد بارادتهم من شأنه ارساء قواعد متقدمة لصحّة تمثيل الشعب اللبناني وفعاليته، ترأس فخامة رئيس الجمهورية الساعة الحادية عشرة والربع قبل ظهر يوم الخميس 22 حزيران 2017 اجتماعاً لرؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة بغية البحث في مواضيع أساسية في الدستور تتطلّب الاقرار والاستكمال والتطوير كي تدخل حيّز التنفيذ، ومواضيع اقتصادية وإصلاحيّة ملحّة تعود بالنفع الكبير على الدولة والشعب والاقتصاد.

وقد حضر الاجتماع: دولة رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري، والسادة: الوزير مروان حماده ممثل رئيس حزب التقدمي الاشتراكي الاستاذ وليد جنبلاط الموجود خارج لبنان، ورئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الاستاذ علي قانصوه، ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وممثل سماحة الامين العام لحزب الله النائب محمد رعد، والامين العام لحزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.

وبعد التداول، أقر المجتمعون ورقة العمل التي عرضها فخامة الرئيس وتضمنت الآتي:

في الشق الميثاقي

ان لبنان الرسالة يقتضي منا الاتفاق على استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، خصوصاً في القضايا التالية:

1 - المواءمة بين الحفاظ على نظامنا الديمقراطي التعددي، وبين تصور واضح ومحدد زمنياً، لانتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، بما في ذلك كيفية التدرّج من تثبيت التساوي والمناصفة بحسب الدستور بين عائلاتنا الروحية في حياتنا العامة، وصولاً الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية.

2 - الحفاظ على مقوّمات الوطن اللبناني البنيوية، خصوصاً في ديمغرافيته وجغرافيته، من ضمن وحدته ونهائيته بما يقتضيه ذلك من تسليم جامع بعدم السماح بأي تلاعب بالهوية الديمغرافية للبنان، وضرورة صونها تشريعياً، إقامةً وانتشاراً. والأهم التمسّك بالنسيج المجتمعي اللبناني كاملاً، بين إنسانه وأرضه. فكما نرفض التوطين المعلن أو المقنّع، نواجه أي محاولة لتثبيت أي جماعة غير لبنانية، على أرض لبنان. وكما نكافح الهجرة الخارجية القسرية لأبنائنا، نعمل على وقف الهجرات الداخلية، إن بالنزوح من الريف، أو بنقل سجلات القيد، بما يخلق غيتوات نفسية أو واقعية، تؤدي إلى "كنتنة" لبنان وقوقعة اللبنانيين.

3 - ضرورة إقرار اللامركزية الادارية في أقرب وقت ممكن، بهدف تثبيت اللبناني في مواطنه الأصلية، وتأمين حقه الكامل في الإنماء المتوازن على مساحة وطنه. وذلك عبر بناء الدولة العصرية العادلة القوية المساوية بين اللبنانيين في حقوقهم وواجباتهم، وتكريس السعي الفعلي إلى اقتصاد غير ريعي لا بل منتج، يؤمن تجذير اللبناني في أرضه.

في الشق الاقتصادي

ان لبنان المعافى اقتصادياً يفرض علينا اطلاق ورشة اقتصادية وطنية تقوم على:

أ - وضع وتنفيذ خطة اقتصادية شاملة تنبثق منها الخطط القطاعية، وموازنة الدولة التي يقتضي اقرارها اولاً تأميناً للانتظام المالي للدولة وتصحيحاً تدريجياً لما اعترى هذا الانتظام من شوائب، على ان تؤدي المحصلة الى تأمين النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتحقيق الإنماء المتوازن، والاقتصاد المنتج، وتوفير الأسواق الخارجية تصحيحاً للخلل في الميزان التجاري وحماية الاسواق الداخلية والإنتاج، ومنع الاحتكارات، والاستثمار في القطاعات الاقتصادية العصرية، والتي يمتلك اللبناني فيها قيمة مضافة، مثل المعرفة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتؤدّي هذه الخطة الى اشراك القطاع الخاص عبر اقرار القانون المعدّ لذلك وتشجيع المبادرة الفردية، واعتماد سياسة تسليفية تشجيعية للقطاعات المنتجة يكون المصرف المركزي عمادها، وترتكز هذه الخطة على الافادة من ثروة لبنان الكبرى التي هي عنصره الانساني بمبدعيه ومثقفيه ومجتمعه المدني الناشط، وهي علامة لبنان الفارقة في محيطه. وفي هذا السياق يتوجّب إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في أقرب وقت ممكن كإطار للحوار المستدام والتوازن بين قطاعات اقتصادنا الوطني.

ب - ان الحكومة مدعوة الى وضع هذه الخطة وتنفيذها ومواكبتها عبر لجنة اقتصاديّة وزارية دائمة من خلال برنامج زمني، تنفيذي ومموّل، لتأمين البنى التحتية اللازمة لنهضة الاقتصاد الوطني وخاصة:

1 – تأمين الكهرباء 24/244 من خلال تنفيذ كامل للخطة الحكومية والتي تؤدّي الى ازالة اي عجز عن الدولة وتخفيض الكلفة الاجمالية عن المواطن.

2 – الحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان وتأمينها عبر كافة الخطط الوطنية المقرّة وتنفيذ برنامج انشاء السدود، وحمايتها والحفاظ عليها وتنظيف مجاري الانهر.

3 – استثمار الثروة البترولية البحرية حسب البرنامج الموضوع لها هذه السنة، واستكمال أطرها القانونية كافة، بحراً وبراً، والاسراع بإنجاز خط الغاز الساحلي والموانئ الغازية تكريساً لاعتماد لبنان على الغاز وكذلك تكثيف الاستثمار المجدي في الطاقات المتجدّدة.

4– الاسراع بتأمين الاتصالات السريعة بأعلى جودة وبأرخص الأسعار.

5– تأمين كافة انواع المواصلات ووضع خطة للنقل المشترك وتنفيذها على مراحل وانشاء الاوتوستراد الدائري وسكّة الحديد والمرفأ السياحي والمطار المطوّر والمعابر البرية الحديثة.

6– تأمين الاعتمادات اللازمة لانهاء ملف المهجرين.

في الشق الاصلاحي

ان بناء الدولة في لبنان يتطلّب منا اصلاحاً في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية بالارتكاز على:

1 – اعتماد الشفافية كمعيار عمل اوّل في حياتنا المؤسساتية العامة.

2 – تفعيل الإدارة من خلال إعادة هيكلتها بدءاً بإجراء التعيينات وفق المعايير الدستورية التي هي الاستحقاق والكفاءة والجدارة والاختصاص،

3 – مساعدة القضاء في أداءه تحصيناً لاستقلاليته وفعاليته.

4 – تفعيل عمل الهيئات الرقابية وجهاز أمن الدولة بتحفيزهم على العمل المكافح للفساد.

5 – الإفادة القصوى من موارد الدولة ومقدّراتها ومرافقها وثرواتها للمصلحة العامة.

6 – تنفيذ القوانين المقرة وتحديثها لا سيما تلك المتعلقة بالقضاء والاستثمار والتجارة وأيضاً تلك المعنية بتسهيل أمور ومعاملات المواطن.

وكما أن الدولة لا تستقيم مع فسادٍ، فكذلك لن يستقيم إصلاحها من دون مواكبته بإعلام مسؤول، بجميع وسائله، حر بالمطلق والحقيقة حدود حريته ، وتطبيق القوانين هو الضامن للحقيقة.

إن هذه النقاط تشكل مجموعة أهداف وطنية جامعة لكل اللبنانيين، ونجاحها نجاح للوطن، وليس لأي مسؤول أو فريق فيه، من هنا ضرورة مواكبتها وتنفيذها بإرادة وطنية جامعة وصادقة ضماناً للنجاح.