من يزور معمل الترابة الوطنية في شكا أو يتجه جنوباً نحو صيدا ويتوقف عند معمل سبلين يدرك أنهما يستخرجان المواد الخام من المقالع بشكل عشوائي دون أي عملية تأهيل تُذكر وحتى دون مراعاة أن صحة وسلامة الناس باتت في خطر!.

"عملياً معظم معامل الترابة أو الاسمنت في لبنان تقوم بتخزين المواد الاولية المستخرجة من المقالع في الهواء الطلق"، وهنا تكمن أساس المشكلة، بحسب ما تشرح مصادر متابعة عبر "النشرة"، لافتةً الى أنه "عند هبوب الرياح تتطاير هذه المواد في الهواء لتفعل فعلها بين الناس وهذه العملية مخالفة للقانون"، مشيرة الى أنه "استنادا الى المذكرة الارشادية لصناعة الاسمنت والتلوّث البيئي العام الناتج عنها الصادرة في أيلول 1997 فإنه يجب تخزين المواد الخام الاولية، الثانوية، والنهائية والوقود الصلب في أماكن مغلقة مثل مخزن "الكلنكر" أو مخزن الوقود الصلب، والامتناع عن التخزين في الهواء الطلق الا في حالات توقف مجرى التصنيع جراء عطل طارئ (مثلا تعطل أحزمة النقل المغذية لمخزن الكلنكر)"... ليبقى السؤال: "ماذا يحصل فعلياً على أرض الواقع وماذا تفعل تلك المعامل"؟!.

تتجه أنظار المصادر الى معمل الترابة الوطنية في شكا، وتشير الى أن "المواد الاولية تستخرج من المقلع الذي يقع جزءًا منه بشكا والجزء الآخر في بدبهون، وتخزّن تلك المواد في ثلاثة أماكن: في المقلع، في قطعة ارض بجانب العقار الذي يوجد فيه البتروكوك، والمكان الثالث هو عقار بين المعمل والاملاك العامة البحرية أو قد يكون على الاملاك العامة البحرية". تشرح المصادر أن "هذه المواد التي تخزن في الهواء الطلق تنقل بواسطة أنابيب الى معمل الترابة حيث يتم حرقها لتصبح رمادية اللون وتتحوّل الى مادة "كلينكر"، لافتةً الى أن "الخطر الاكبر هنا أن هذه المادة موضوعة على قطعة بجانب البحر ودون عازل وهي أيضا معرضة للتطاير في حال حبوب الرياح"، ومضيفةً: "بعدها يضاف الى مادة "كلينكر" مادة أخرى هي الجفصين وبعد امتزاج المادتين يصبح لدينا مادة الاسمنت".

تشرح المصادر "خطر عدم عزل المواد الاولية أو المواد الخام التي أساسها "طبشوري" وبالتالي تفتت وتطحن لتصبح غباراً بشكل سهل"، لافتةً الى أن "المواد المطحونة تخزّن في الهواء الطلق مما يؤدي الى تناثر الغبار في محيط المقلع عند هبوب الرياح". هنا تشير المصادر انه عندما يتطاير يحطّ على أوراق الأشجار وابرزها الزيتون ويختلط بمياه الشتاء أو "متساقطات الصباح" (المعروفة بالندى) فيشكّل مادة حمضية أو cide تقتلها، كما أن هذا الغبار لا يمنع أوراق الأشجار من القيام بالـ Photosynthese أو البناء الضوئي".

في مكان ليس ببعيد عن معمل الترابة الوطنية ليس الامر مشابها. فهناك بحسب المصادر "تستخرج المواد الخام من المقلع ويتم وضعها في مكان قريب، وبطريقة مغلّفة بعازل يمنع تطايرها". "في مكانين قريبين تختلف كلّ المعايير، فلماذا لا تلزم الدولة المعامل المخالفة بتطبيق شروط السلامة العامة ومنعها من تخزين المواد الخام في الهواء الطلق رأفة بسكان تلك المناطق وبسلامتهم!؟.

بالأمس القريب زار وزير البيئة ​طارق الخطيب​ منطقة شكا معترضا على جملة مخالفات منها عمل معامل الترابة فيها، فهل يُطبّق القانون ويرتاح المواطنون، أم أن كل المحاولات ستبقى حبرا على ورق والمخالفات ستبقى قائمة لأن أصحاب المعامل أقوى من الدولة؟.