استفاد الرئيس سعد الحريري النشيط من كل فرصة رمضانية ممكنة لاعادة التواصل مع قواعده الشعبية الزرقاء من الجنوب في مجدليون الى البقاع الغربي الى طرابلس، فصال وجال وأمعن في وعود الانماء والخدمات والمشاريع الانمائية والزفتية والكهرباء والطاقة. كما يركز بعد تجاوز قطوع الانتخاب على الخروج بمكسب اجتماعي واقتصادي ومناطقي. فلا شك ان انجاز حكومة الحريري بإقرار قانون الانتخاب قد ساهم في رفع اسهم هذه الحكومة التي اجتمع "الاوصياء" عليها في بعبدا منذ ايام وفصلوا المرحلة المقبلة على قياس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعهده وعلى قياس حكومة الوفاق الوطني واستعادة الثقة التي تضم عملياً غالبية القوى السياسية باستثناء بعض المسيحيين في قوى 14 آذار.

في قراءة سريعة لما خرجت به بنود اجتماع بعبدا يكتشف المرء انها مزيج من ثلاثة امور: خطاب القسم، والبيان الوزاري ولقاء بعبدا او الثوابت التي تضمنتها البيانات الوزارية لكل الحكومة ورغم كل شيء هي خطوة على طريق تقطيع وقت الـ11 شهراً المخصصة للتمديد الثالث لمجلس النواب بورشة عمل اجتماعية واقتصادية وسياسية وتعيينات ادارية وقضائية ودبلوماسية حتى لا يقال ان عهد ميشال عون في سنته الاولى كان عبارة عن "حفلة" علاقات عامة يشهدها قصر بعبدا يومياً. على بعد ايام من مرور ثلثي العام الاول من ولاية عون يمكن القول ان الرئيس عون نجح في تجاوز قطوع قانون الانتخاب وتأثيره الكبير على عهده فلو لم ينجح القادة السياسيون في التوصل لقانون نسبي وبقيت الامور متجهة نحو الستين او التمديد بلا قانون لكان عون وقع في حرج كبير وفشل في ما كان يتعهد وينادي به منذ العام 2005 وهو تصحيح التمثيل بقانون وطني عادل وانصاف المسيحيين في القانون الجديد بعد ان كان نوابهم ينتخبون وفق التوازن الطائفي لدوائر الستين.

التماهي الواضح والانسجام بين عون والحريري واخيراً الود "المستجد" بين عين التينة وبعبدا يجعل من الرئاسات الثلاث منسجمة ومتفقة على تمرير "فترة التمديد التقنية" بأقل اضرار ممكنة والاستفادة منها في نسج تحالفات سياسية وانتخابية قد تحدث في حال لم تتأجل الانتخابات في ايار من العام المقبل.

بعد توطيد علاقته بعون يحاول الحريري اليوم التقرب اكثر من وزير الخارجية جبران باسيل كما يحاول طي صفحة الخلاف مع الدكتور سمير جعجع بعد اشكالية ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية.

فالسحور المعرابي الذي اراده الحريري مناسبة للزيارة الى صديقه القديم سمير جعجع وان تكون موجهة الى من يعنيه الامر وخصوصاً ،النائب وليد جنبلاط الذي ظهر مع نجله تيمور امس من موسكو حيث باتت تطبخ التسويات في المنطقة ولعله، اي جنبلاط، يستعيد الاجواء العابرة للقارات التي كان يلتقطها بـ"أنتيناته" ومما لاشك فيه ان جنبلاط اليوم غير جنبلاط العام 2005 او 2011 بل هو جنبلاط الذي "يخرج" من المعادلة اللبنانية رويداً رويداً ويترك دفة الامور لتيمور ويريده ان يقسى عوده جيداً رغم ان الظرف المحلية في لبنان والاقليمية في سورية ليست ملائمة تماماً لتيمور.

ولا يبدو ان العلاقة ستعود الى مجاريها قريباً بين الحريري وجنبلاط فكانت رسالة معراب الى جنبلاط ان التحالف المستقبلي سيكون مع التيار والقوات في الجبل على حساب التحالف معك اذا ما استمر "الجفاء" بين الوسط وكليمنصو.

بدوره سمير جعجع يلعب لعبة "القفل والمفتاح" مع المستقبل والتيار وجنبلاط فهو لا يريد ان يتخلى عن اي من هؤلاء الثلاثة بل على العكس يريد ان يوطد علاقاته مع الطرف الاقوى على الساحة اللبنانية الا وهو حزب الله. فالعلاقة بين حزب الله واي طرف ستمنح هذا الطرف قوة وانتشارا وفعالية بفعل قوة الحزب وفعاليته السياسية والاقليمية.

عادت حليمة الى عادتها القديمة وعاد الود بين معراب وبيت الوسط وبقي الجفاء بين المختارة وقريطم وعليه تستمر الحالة السياسية في هدوء نسبي وفي سبات انتخابي لعشرة اشهر وقد يكون مبكراً الحديث عن تحالفات انتخابية او سياسية جديدة