المعارضة حق، بل هي أيضاً واجب. ولأي بلد ليس فيه معارضة قل: «على الدنيا السلام». فلا يستقيم نظام، ولا تقوم قيامة لدولة من الدول في غياب المعارضة التي هي الوجه الآخر للنظام. هذا إذا كان الكلام على نظام برلماني ديموقراطي مثل نظامنا اللبناني. والقارىء متابع هذه الزاوية يذكر أننا عندما نتحدّث عن «المسؤولين» فكثيراً ما نقول: «المسؤولون، من كان منهم في السلطة أو مَن كان خارجها وبالذات من هو في المعارضة».

ولكنّ ثمة مفهوماً للمعارضة، عندنا، يبدو بعيدا جداً عن حقيقة «وظيفتها» وجلال دورها. فالمعارضة ليست إجترار كلمة لا... في كل أمر، عن خطأ أو عن صواب.

والمعارضة ليست قم لأقعد مكانك وحسب. فمن حق المعارضة أن تسعى الى السلطة... ولكن تحقيق هذا الهدف يكون (مبدئياً على الأقل) في كسب ثقة الناس وفي كشف أخطاء أهل السلطة، ولكنه لا يكون في وضع عصابة سوداء على الجبين وأمام الناظرين فتحجب رؤية الإيجابيات في المطلق.

والمعارضة ليست تزوير الحقائق، وتشويه الوقائع، وابتداع سلبيات لأهل الحكم غير موجودة على أرض الواقع.

سقنا هذه المقدّمة لا لنقدّم درساً في السياسة... فذاك مكانه الكليات والمعاهد المختصة وليس صفحات الصحف والزوايا المخصصة للمقالات السريعة فيها... إنما سقناها لكي نعرب عن استغرابنا الشديد للأسلوب الذي يعتمده ديك المعارضة في هذه الأيام الشيخ سامي الجميّل الذي كنّا، وما زلنا، نبني عليه الآمال العريضة ليستعيد ما يمكن إستعادته من ذلك العز، وذلك الدور وذلك الحضور...

ونود أن نصارح رئيس الكتائب بأنّ كثيراً ممّا يسجله، هو وفريق من أركان حزبه، على الرئيس ميشال عون في لقاء بعبدا التشاوري يراه آخرون في مصلحة رئيس الجمهورية. ولقد سخّر الشيخ الشاب وسيلته الإعلامية (الإذاعية)، منذ ما قبل اللقاء الى ما بعده، للهجوم الشرس على اللقاء فكرة وتنفيذاً وبياناً. في حين أنّ بعض الضيوف الذين جيء بهم ليشاركوا في الحملة لم يستطع سوى أن يشيد بالمبادرة، ويثني على الرئيس، ويثمّن مضمون البيان الذي أُقرّ بالإجماع.

أخذوا على الرئيس انه شارك «الآخرين» في ما تبقى من صلاحيات لرئاسة الجمهورية... والواقع ان الرئيس مارس أعلى صلاحية في جمع من إجتمعوا ليتبنوا الورقة التي أعدها.

أخذوا على الإجتماع، في المطلق، انه يصادر صلاحيات مجلس الوزراء... والواقع أن الرئيس عون حصر اللقاء بالأحزاب والكتل المتواجدة في مجلس الوزراء، فالحضور العشرة من المشاركين في مجلس الوزراء شخصياً و/ أو بمن يمثلهم.

أخذوا على الإجتماع أنه إنتقاص من حقوق المسيحيين... والواقع أنّ نصوصاً وردت فيه لم يكن المسيحيون يحلمون بأفضل منها إطلاقاً، على حد ما قال أحد الخبراء الدستوريين الذي استضافوه إذاعياً ليخدم هجومهم على لقاء بعبدا فوجد نفسه «ضميرياً» (كما قال) يدافع ويشيد!

قبل أيام دعونا من هذا المنبر الشيخ سامي الجميّل الى الرأفة بحزب الكتائب فيدرس شطحاته قبل أن يقفز في المجهول. واليوم نضيف: رأفة بذكرى بيار المؤسس وبشير الشهيد وبيار الشهيد.. وأيضاً رأفة بأعصاب أمين الصابر الصامد...