نجحت عطلة عيد الفطر في التخفيف من حدة الرسائل التي وجهها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في خطابه الأخير لمناسبة يوم القدس العالمي، لكن الخطاب لن يمرّ مرور الكرام، حيث من المتوقع أن تعود بعض النقاط فيه إلى الواجهة من جديد، في ظل المخاوف التي عبّرت عنها بعض الأوساط من تهديده، بأن أي حرب قد تشنها إسرائيل على لبنان وسوريا ستفتح الباب أمام انضمام آلاف المقاتلين من العراق واليمن وإيران وأفغانستان وباكستان وبقاع أخرى في العالم إلى جانب سوريا والمقاومة.

من وجهة نظر مصادر نيابية في قوى الرابع عشر من آذار، لا يمكن السكوت عن هذا التصعيد الذي قد يكون له تداعيات خطيرة على الواقع اللبناني، لا سيما أنه يأتي في ظل المساعي التي تقوم بها السلطات المعنيّة لإقناع الجانب الأميركي بصرف النظر عن فرض المزيد من العقوبات أو الإجراءات الجديدة، وتسأل: "ما هو مبرر هذه الدعوة طالما أن الحزب يفتخر بأنه ينشر ويرسل الآلاف من المقاتلين إلى سوريا والعراق وغيرها من ساحات التوتر في المنطقة، وهل فعلاً سيكون بحاجة إلى مقاتلين من الخارج في حال إندلاع أي حرب مع تل أبيب"؟.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الرسالة من وراء هذا التطور لا يمكن أن تكون موجهة إلا إلى أجهزة الدولة الرسمية برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتشير، عبر "النشرة"، إلى أنها الثانية من هذا النوع منذ إنتخابه رئيساً، حيث كانت الأولى بالإستعراض العسكري الذي أقامه في منطقة القصير السورية، وتشير إلى أن السيد نصرالله أراد أن يقول مرة جديدة أن "حزب الله" أعلى من أي سلطة، وبالتالي لا أحد يستطيع أن يمنعه من القيام بأي أمر يريده حتى ولو كان ذلك فتح الحدود أمام الآلاف من المقاتلين الأجانب.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، خطاب أمين عام "حزب الله" قضى على الرسائل الإيجابية التي تضمنها اللقاء التشاوري الذي عقد في القصر الجمهوري في بعبدا، والتي سعى من خلالها الرئيس عون إلى تأمين إنطلاقة جديدة للحكومة برئاسة سعد الحريري، وتسأل: "كيف من الممكن الحديث عن موسم سياحي نشط أو حركة إقتصادية واعدة، في حين أن هناك من يقرع طبول الحرب في البلد، لا بل يسعى أيضاً إلى ربط بيروت بمحور لم يعد يقتصر على طهران ودمشق، بل يشمل صنعاء وبغداد وغيرها من العواصم الأخرى"؟.

في الجانب المقابل، تشير مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى ضرورة النظر إلى الرسائل التي تضمنها الخطاب برؤية مختلفة، حيث أن الهدف مما قاله أمين عام "حزب الله" هو التأكيد على إنتصار محور المقاومة بعد سنوات من الحرب الشرسة عليه عبر ​الأحداث السورية​، وتوضح أن السيد نصرالله أراد أن يقول أن هذه الحرب، التي كانت تستهدف إسقاط دمشق بما تشكله من أهمية إستراتيجية بالنسبة لهذا المحور، ساهمت في فتح ساحات جديدة بات يتواجد فيها من خلال قوات أو فصائل عسكرية حليفة أو عبر قوى شعبية مؤيدة.

وتشدد هذه المصادر على أن العدوّ قبل الصديق يعلم أن الحزب ليس بحاجة إلى مقاتلين من الخارج بحال إندلاع أي مواجهة مع الإسرائيلي، وتذكر بأن قيادة الحزب كانت دائماً تشدد على أن المقاومة على أتم الإستعداد لمواجهة أي عدوان، وتؤكد بأن الحرب السورية لم تشغل الحزب عن الاهتمام بالاستعداد على الأرض اللبنانية لمواجهة أي تهديد إسرائيلي، لكنها تشير إلى أن المقصود على الأرجح هو توجيه رسالة إلى تل أبيب، تعيد التأكيد أن أي مواجهة مستقبلية لن تكون محصورة في ميدان أو جبهة واحدة، وتضيف: "هذا النوع من الرسائل موجّه إلى الجانب الإسرائيلي وليس إلى أي فريق محلي، وهو لا علاقة له بسياسة النأي بالنفس لأن الحديث هو عن المواجهة مع تل أبيب".

في المحصلة، لم تنظر قوى الرابع عشر من آذار بعين الرضا إلى خطاب أمين عام "حزب الله" الجديد، لا سيما لناحية الربط بين لبنان ومجموعة واسعة من الدول، فهل يكون هذا الملفّ مادة سجال بارزة في المقبل من الأيام؟.