كشفت مصادر دبلوماسية عربية لصحيفة "الأخبار" أنّه "منذ اليوم الأول لبدء السعودية و​مصر​ و​الإمارات​ العربية المتحدة و​البحرين​ «حصار» ​قطر​، برز تمايز بين هذه الدول، بما فيها البحرين، تشكو من أنها مدعوّة فقط لتنفيذ القرارات. وقد أبدت ​المنامة​ في وقت سابق، كما ​القاهرة​، امتعاضها من محاولة ​الرياض​ و​أبو ظبي​ حصر الملف بهما فقط"، مشيرة الى أن "الإمارات تظهر حماسة استثنائية للتصعيد والذهاب في المواجهة حتى النهاية. وهي تقترح على الدوام برنامج عقوبات يجعل قطر في وضع الاستسلام لا التفاوض إن أمكن. أما السعودية، التي تريد آليات ضغط قاسية، فهي مع فتح الباب أمام احتواء الإمارة، وخصوصاً أن ولي العهد الجديد ​محمد بن سلمان​ وجد نفسه أمام مهمة تطويع جميع القيادات السعودية داخل العائلة الحاكمة وخارجها، ومنع أي معارضة لتوليه إدارة البلاد. وتضيف المصادر أنّ للسعودية أسباباً أخرى، من بينها حذرها في فتح ملفات يمكن أن تصيبها لاحقاً، وخصوصاً في ما يتعلق بملف الحريات والإرهاب".

وأوضحت المصادر أن "مصر فقد ظلّت، رغم الحملة القطرية القاسية ضدها، تريد الخطط المدروسة ولا تنوي الذهاب بعيداً، وخصوصاً أنها ليست متوافقة على كل الأهداف مع الآخرين، كما أنها وضعت مسبقاً سقفاً لخطواتها، وهي ليست في وارد التوجه نحو مواجهات تتطلب منها مساهمات غير سياسية"، لافتة الى أنه "بعد الإعلان عن المقاطعة وفرض الحصار على قطر، بالغ السعوديون والإماراتيون في النتائج المتوقعة. وهو أمر تجنّبه المصريون الذين يعتقدون بأن الإجراءات العقابية من شأنها التأثير السلبي الجدي على قطر، وأنّ طول الفترة سيترك أثره الأكبر أيضاً. بينما ضغط الإماراتيون للبدء بجرعة ثانية وسريعة من العقوبات التي يعتقدون أنها ستربك النظام القطري وتدفعه الى التنازل، أو إلى المواجهة الشاملة التي تبدي أبو ظبي رغبة فيها".

وأكدت أن "اختيار القاهرة مكاناً لعقد الاجتماع التشاوري عقب الرد القطري على لائحة مطالب الـ 13 لم يكن صدفة. وليس صحيحاً أنه جرى بناءً على رغبة سعودية ــــ إماراتية بمنح القاهرة دوراً إضافياً أو توريطها، بل جاء استجابة لنصائح وضغوط بعضها مباشر من عواصم غربية، بينها واشنطن، أرادت من الاجتماع عدم التصعيد وهو ما حصل"، مشيرة الى أن "الاتصالات التي أجراها الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ قبل يومين من اجتماع القاهرة مع قادة السعودية والإمارات وقطر هدفت إلى احتواء التصعيد. لكن اتصال ترامب بالرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ تضمن طلباً مباشراً من القاهرة بالتهدئة والبحث في سبل وضع إطار قابل للحياة والتفاوض في المرحلة اللاحقة. وجرى الاتفاق بين القاهرة وواشنطن على حصر الأمر بمطلب وقف دعم الإرهاب تمويلاً وتحريضاً".

ولفتت مصادر دبلوماسية عربية إلى أنّ "أهم قرار صدر عن اجتماع القاهرة، هو اعتبار لائحة المطالب الأولى (13 بنداً) لاغية، وأن الحديث يدور الآن حول بند متعلق بالإرهاب. وفي هذا السياق، كشفت أنّ عدم اهتزاز الموقف القطري في الأيام الأولى للأزمة، والهجوم الدبلوماسي المضاد للدوحة وعدم وجود موقف موحد داخل الإدارة الأميركية، سمح لقطر، ولداعمين لها في الغرب، باعتبار أن الطريقة التي اتُّبعت غير مجدية، وخصوصاً أن في دول غربية عدة، وحتى في مؤسسات الاستخبارات والدفاع الأميركية، هناك من يعرف أنّ ما قامت به قطر جرى بعلم هذه الدوائر، وأنّ دعم المجموعات الإرهابية في أكثر من منطقة عربية يشمل السعودية أيضاً بشكل خاص.

أضف إلى ذلك ما نقل عن مسؤول كويتي رفيع من أن الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح الذي تولى الوساطة، سمع كلاماً متناقضاً من مسؤولي دول الحصار، وهو تنبّه منذ اليوم الأول الى أنّ هناك من لا يريد حلاً. وقال المسؤول: "في اليوم الذي أُرسلت فيه المطالب، كان واضحاً أنهم يريدون منّا حمل وثيقة الاستسلام والعودة بتوقيع الجانب القطري عليها. هذا لا يسمى دور وساطة، بل دور الرسول الذي ينقل البلاغ. وهو أمر لا تجد الكويت نفسها مضطرة للقيام به". وبحسب المسؤول الكويتي، فإن الجميع متفهم للحاجة إلى ضبط السلوك القطري، لكن الأمور لا تسير وفق هذا المنطق. ونفى المسؤول أن تكون الكويت قد طلبت مساعدة الغرب، لكنها أبلغت العواصم الغربية وجهة نظر «منطقية» لجهة اعتبار المطالب تعجيزية. وهو أمر تطابق مع مواقف عواصم غربية اعتبرت أن الغرض السياسي والإعلامي من لائحة المطالب قد استنفد، وأن الحوار الجدي يجب أن يأخذ شكلاً مختلفاً. مع الإشارة هنا إلى أنّ الجانب الكويتي فشل في إقناع جميع الأطراف بعدم تسعير الحملة الإعلامية المتبادلة، وكل ما أمكنه كان إقناع الأمير القطري تميم آل ثاني بعدم إلقاء خطاب قد يعقّد أي محاولة للتوسّط مع الآخرين.

قالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة إنّ خلاصة النقاشات والاتصالات والوساطات التي جرت في الأسابيع الماضية، أفضت إلى نتيجة تفيد بأنّ التركيز يجب أن يكون على امكانية إقرار تسوية ترضى عنها دول الحصار أولاً، وتحظى بدعم غربي ثانياً، وتكون، أيضاً، قابلة للتنفيذ من الجانب القطري.

وتضيف المصادر أنّ ​الدوحة​ قرّرت رفع شعار التماثل في الخطوات، استناداً إلى نصائح عربية ودولية بعدم الذهاب بعيداً في المواجهة. ويعكس هذا الشعار استعدادها للسير في خطوات شرط أن تلتزم بها بقية ​الدول الخليجية​. وحسب المصادر فإن النقاش ينحصر الآن في ملف الارهاب، وتحت العناوين التالية:

ــــ استغناء قطر طوعاً عن كل هوامش المناورة الخاصة بها في التعامل مع كل المعارضين المدنيين أو العسكريين الذين يعملون في سياق مناقض لاستراتيجية الرياض.

ــــ تتعهد الدوحة بالامتناع عن دعم أي وجهة أو شخصية أو جهة معارضة في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، وتتولى إعادة صياغة علاقتها مع «الإخوان المسلمين»، بما يتناسب والسياسة العامة لمجلس التعاون ومصر. وتأخذ، أيضاً، في الاعتبار مساعي الغرب اوضع اسم التنظيم على اللوائح العالمية للتنظيمات الارهابية.

ــــ توافق قطر على عمليات تدقيق تمنع «تسرب» الأموال إلى هذه المجموعات سواء مباشرة من خلال بعض الأفراد أو الشركات التجارية الوهمية، أو من خلال الجمعيات الخيرية.

ــــ تتعهد الزام وسائل الاعلام التابعة لها بسياسة جديدة، على قاعدة الالتزام بوقف التحريض المباشر ضد أي حكومة في دول المقاطعة، أو الترويج لنشاط وعمل المجموعات المسلحة في ​الدول العربية​، والتوقف عن دعم أي نشاط سياسي أو ثقافي يخصّ هذه المجموعات أو الداعمين لها.

ــــ تلتزم انجاز خطّة خلال فترة معينة، تنتهي بابتعاد غالبية المعارضين لأنظمة الحكم في دول الحصار، ويتمّ اخضاع من يبقى إلى شروط شبيهة بتلك المعتمدة في ​سلطنة عمان​، لجهة الزام كل لاجئ سياسي بعدم القيام بأي نوع من النشاط السياسي.

ــــ تلتزم الإطار المعتمد حالياً من قبل الدول الأربع في طبيعة العلاقات التي تربطها بكل من تركيا وإيران، مع تركيز من جانب السعودية على ضرورة الغاء أي نوع من التواصل بين قطر وبين قوى سياسية مثل حركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» في ​فلسطين​ وحزب الله في لبنان.