بإستطاعتنا أن نجعل كل يوم عيداً وفرحاً. فكل يوم فيه مسؤوليات وإذا قمنا بها كان عيداً لنا. فلتكن أيامنا أعياداً للإخوة وللمحبة والمسؤولية أمام الله وأمام أنفسنا، سواء في الأمور الخاصة أو الأمور العامة.

قد يظن البعض أن السر في استمرارية القيم الإنسانية النابعة من الرسالات السماوية، هو أنها إرث لعادات ورثناها عن آبائنا واعتدنا أن نمارسها كجزء من حضارتنا الإنسانية لنكون بذلك أكثر احتراماً لذواتنا، لكن في الحقيقة ممارسة القيم الإنسانية هي حاجة ملحة للفرد كما هي حاجة للمجتمع، إذ تسمو بنا إلى أعلى الدرجات، لنتخطى في ممارسة بعض القيم حدود الزمان والمكان.

هل فكرت يوماً ماذا تجسد قيمة العطاء بالنسبة لك أو ما تأثيرها عليك وعلى المجتمع؟ هل نظرت إلى مقدار ما سيحدثه عطاؤك من وقع على القلب ومدى تأثيره على النفس؟ أنت في الواقع لا تعطي. أنت تأخذ.

نعم، تأخذ تلك المشاعر المتينة ممن امددناهم بعطائنا فنسقي بها عطش قلوبنا لترتوي من فيض العطاء. وأود أن أجد وصفاً للسعادة التي قد يشعر بها الإنسان الذي يمارس هذه القيمة. أنها لذة العطاءات. لذة الإحساس بسعادة الآخرين، بآلامهم، بوجودهم الإنساني.

هي لذة روحية لا تنتهي مع نهاية العمر بل غالباً ما تكون البداية، على العكس تماماً من الملذات الجسدية التي لا تلبث أن تزول بزوال اللحظة التي نعيشها أو نشعر بها بالإشباع لنجاحاتنا فيها، كيف يكون حالنا ونحن نتناول طعاماً بعد شعور بجوع شديد، أو عندما نرتوي بقطرات من ماء بارد بعد يوم من الظمأ، فما أن نشبع حاجاتنا حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.

هل تساءلت من أين أتاك هذا النعيم، هذا الرزق، هذا المال، هذه الصحة، هذا الذكاء؟ الله رزقك لتنفوق وتتصدق وتزكي. الله اعطاك لتعطي وتنفق. الله يرزقك بلا حساب وغيره يرزقك بحساب، يرزقك من كرمه، رزقه من عطائه فإن قيمة العطاء لها أثرها الكبير على المجتمع، والأفراد. ولا أعني بالعطاء الجانب المادي منه فقط. اذ يمكن أن تعطي من وقتك لتستمع إلى آخر بحاجة ماسة إلى من يشاركه همومه. فلربما كنت سببا في حل مشاكلاته. أو قد تساهم في إسعاد عائلة فقيرة يكفيها أن تجد مأوى أو طعاما لأبنائها. أو قد تفتح بابا لشاب طموح لم تنصفه الحياة، أو قد تساعد في تعليم طفل لتساهم في تغيير مستقبله، ليس المهم من نعطي في الهند أم في الصين أو في حي نسكنه أو بعيد عن مسكننا وبيئتنا، وهذا ما يميز قيمة العطاء، العطاء الذي ليس له حدود أو شروط.

قيمة العطاء ملقاة على عاتق الأهل لتبدأ من الصغر مع الاولاد، في سن الصفاء والطهر والعطاء، دون منة أو تصنع أو رياء.

يا شباب اليوم أنتم شيوخ الغد، لذلك فإكرام المسنين العاجزين هو قمة العطاء وإكرامهم ما هو الا من إجلال الله.

أخي الإنسان.

لتكن إنسانا عليك أن تشعر بحاجات الإنسان الآخر الذي يقاسمك إنسانيتك. اعط ولا تبخل. داوِ نفوس الآخرين بدواء العطاء.

كن كالشمس تنشر بنورها ودفئها فوق الجميع دون حساب أو اعتبارات.

تذكروا أننا مهما كنا أغنياء أو فقراء، عظماء أو أناس عاديين، ملوك أم رعية، كلنا سينتقل إلى حفرة من التراب.