رأت مصادر دبلوماسية عربية ان تحرك وزير الخارجية الاميركية ​ريكس تيلرسون​ لحلّ ازمة عدد من الدول الخليجية ومعها مصر في مواجهة دولة قطر، مرده الى ان واشنطن تعتبر انه لا توجد مؤشرات على انحسارها، لذلك حرصت الإدارة الأميركية على أن يحمل وزير خارجيتها موقفا متماسكا، بعكس ما كانت عليه الحال في بداية الازمة حيث كان الرئيس ​دونالد ترامب​ منحازا الى الموقف السعودي، مع وجود تخوف من كبار مسؤوليه من الخطوات التصعيدية السعودية .

واشارت هذه المصادر الى ان رئيس الدبلوماسيّة الأميركيّة اختار دولة الكويت مقرا له للانطلاق في جولات مكوكيّة بين دول المنطقة، لافتة الى ان واشنطن تستند في مبادرتها على قواعد الوساطة الكويتية التي تؤكد أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل هذه الازمة، وان تجزئة مطالب مصر والسعودية والإمارات والبحرين أمر يمكن ان يسهل الحلول، خصوصًا وان بعض هذه الشروط التي وضعت ضد الدوحة غير منطقية ولا يمكن لقطر ان تقبلها .

واضافت المصادر انه انطلاقا من هذه الرؤية أبرمت قطر والولايات المتحدة برعاية وزير الخارجية الاميركية خلال زيارته للدوحة، معاهدة لمكافحة الاٍرهاب، بالرغم من معارضة مصر إشراك قطر في معاهدات من هذا النوع، على اساس انها شريكة في انتشار هذه الظاهرة في المنطقة العربية وفي العالم. وتأتي مبادرة تيلرسون تمهيدا لاقناع المملكة العربية السعودية، التي يعتبر الكثير من المحللين ان موقفها من اي وساطة وخاصة الوساطة الاميركية هو الأساس للوصول الى خواتيم سعيدة او الى المزيد من التصعيد الخطير .

وتعتبر المصادر الدبلوماسية ان الايام القليلة المقبلة ستكون مفصليّة لمعرفة المنحى الذي ستكون عليه ازمة حلفاء الولايات المتحدة، والذي يتمحور حول أمرين لا ثالث لهما: إما إبرام اتفاق نتيجة للجهد الاميركي، وإما استمرار التصعيد الذي يحمل في طياته احتمالات خطرة جدا على دول المنطقة وعلى الولايات المتحدة الاميركية .

وتعتبر المصادر في هذا السياق انه اذا لم يتراجع السعوديون والإماراتيون والقطريون عن مواقفهم، وفشلت مهمة الوزير الاميركي، فإن هذه المِحنة ستتوسع وستكون تداعياتها كارثية .

وتقول بعض التقارير ان السعوديين والإماراتيين سيقاطعون الدول التي تقيم علاقات تجاريّة مع قطر، وربما سيشددون ضغوطهم العسكرية عبر التهديد بفرض حصار بحري او تعبئة عسكرية .

واشار محلّلون لشؤون الشرق الاوسط الى ان السعودية تدرس إتخاذ إجراءات عسكرية مباشرة ضد قطر، لكن خطوة من هذا النوع ستولد ردًّا عنيفا من الدوحة اذا شعرت ان سبل التسوية اصبحت مغلقة، ويتمثل الردّ القطري باللجوء الى مجلس الأمن الامر الذي سيفتح المجال تلقائيا أمام روسيا ذات العضوية الدائمة فيه، للتدخل مباشرة في شؤون الخليج بعد عامين من تدخلها في سوريا، وهذا سيضع في حال حدوثه واشنطن في موقف صعب، وعندها إما ان تتصدى لأيّ تحرك في مجلس الامن او تجد حلا سلميا للازمة .

ولكن المسار الاكثر خطورة حتى هذه اللحظة هو قيام قطر بلعب اوراقها العسكرية، انطلاقا من اتفاقات للتعاون الامني مع واشنطن والتي يعود تاريخها الى عامي 1982 و2013، والتي تنص ضمنا او صراحة انه بإمكان البلد المضيف ان يطلب من الولايات المتحدة الاميركية المساعدة اذا واجه هذا البلد تهديدا أمنيا .

ولفتت المصادر الى انه في حال لم تحظ قطر بالدعم الذي تتوقعه من الاميركيين، قد يدفعها ذلك الى تقييد واشنطن في استخدام قاعدتها في الدوحة، واحتمال لجوئها الى روسيا او ايران طلبا للمساعدة العسكرية .

وخلصت المصادر نفسها، الى انه بصرف النظر عن اُسلوب المبادرة السعودية والإماراتية ودوافعها، تبقى واشنطن مقيّدة، كما هو الحال في سوريا، بتردّد طويل حيال التدخل المباشر، وحتى اذا لم يحصل هذا السيناريو الخطير، فإن مجرد احتمال وقوعه يوضح المرحلة الخطيرة التي وصلت اليها المنطقة في ما يخص الازمة الخليجية .