حتى الساعة لا تزال أغلب القوى السياسية الفاعلة في ​مدينة طرابلس​ تنتظر خروج الدخان الأبيض من وزارة الداخلية والبلديات، لتحديد موقفها النهائي بالنسبة إلى الإنتخابات الفرعية التي من المفترض أن تحصل في عاصمة الشمال على المقعدين العلوي والأرثوذكسي، لا سيما أن الجميع يدرك أن المعركة الراهنة، في حال حصولها، ستكون بمثابة "بروفا" لما يمكن أن يكون عليه الواقع في العام 2018.

من حيث المبدأ، في حال حصول المعركة سيكون كل من الوزير السابق اللواء ​أشرف ريفي​ ورئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ على طرفي نقيض، نظراً إلى أنهما يسعيان إلى كسر بعضهما بكل ما يملكان من قوة، لكن في المقابل تُطرح الأسئلة حول مواقف باقي القوى في طرابلس، سواء بالنسبة إلى الترشّح أو بالنسبة إلى إمكانية تحالفها مع "اللواء" أو "الشيخ"، بالرغم من أن أغلبها كان متحداً في الإنتخابات البلدية قبل نحو عام ضد ريفي.

بالنسبة إلى وزارة الداخلية والبلديات، يؤكد الوزير نهاد المشنوق الجهوزية، لكنه يلفت إلى أن الموضوع ينتظر قرار رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري، بالإضافة إلى رد الهيئات والنقابات بتعيين هيئة الإشراف على الإنتخابات.

على الصعيد الطرابلسي، تجزم مصادر مقربة من ريفي، عبر "النشرة"، بأنه سيخوض الإنتخابات الفرعيّة في حال حصولها، وتشير إلى أن التحضيرات قائمة على أساس أنها ستجري غداً، لكنها تلفت إلى أنه من المبكر الكشف عن أسماء المرشحين، وتضيف: "اللواء غير مستعجل على كشف أوراقه، لا سيما أن الإنتخابات قد لا تحصل".

وتشدد المصادر المقربة من ريفي على أن ليس "اللواء" هو من يسعى إلى التأجيل أو يفضله على الإطلاق، بل على العكس هو مرتاح لوضعه أكثر من أي فريق آخر، وسيكون له مرشحان عن المقعدين العلوي والأرثوذكسي. بالنسبة إلى إحتمال التحالف مع قوى سياسية معينة، توضح المصادر نفسها أن هناك علاقة جيدة اليوم مع رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ والنائب ​محمد الصفدي​، لكنها تلفت إلى أن لا كلام على الصعيد الإنتخابي معهما، ويمكن القول فقط أن الأجواء أقل تشنجاً.

وعلى الرغم من الإتهامات التي توجه إلى الحريري بالسعي إلى تأجيل الإنتخابات الفرعية في طرابلس، تؤكد مصادر تيار "المستقبل" في المدينة، عبر "النشرة"، أنها بانتظار تأكيد حصول الإنتخابات من خلال تحديد المواعيد في الأيام القليلة المقبلة، لكنها تشير إلى أن مبدأ الترشح بحال حصول الإنتخابات محسوم، والترشيحات ستكون حكماً عن المقعدين الأرثوذكسي والعلوي.

وفي حين كانت التحالفات في الإنتخابات البلدية واضحة، تلفت المصادر نفسها إلى أن المكتب السياسي في "المستقبل" فوض رئيس الحكومة الخوض في التحالفات والترشيحات، وبالتالي كل الأمور واردة باستثناء التحالف مع ريفي طبعاً.

من جانبه، لا يزال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي حتى الساعة يعلن أنه لن يتحدث عن أي أمر في الإنتخابات الفرعية قبل دعوة الهيئات الناخبة، إلا أن الأمور بالنسبة لبعض الأوساط الطرابلسية المقربة منه شبه محسومة، حيث يتم الترويج لترشيح الوزير السابق نقولا نحاس عن المقعد الأرثوذكسي، نظراً إلى المكانة التي يتمتع بها في المدينة وداخل تيار "العزم".

وعلى الرغم من التوجه الواضح بالنسبة إلى ترشيح نحاس، لم تأت الأوساط نفسها على الحديث عن المقعد الآخر، أي المقعد العلوي، في مؤشر إلى أن الترشيح عن هذا المقعد من عدمه مرهون بالتحالفات، حيث من الممكن أن يكتفي "العزم" بترشيح نحاس في حال حصول تحالف مع أي من الأفرقاء في المدينة، لكن ربما يذهب إلى ترشيح شخصية علوية، إلى جانب نحاس، في حال قرر الدخول في المعركة منفرداً.

على صعيد متصل، ترفض مصادر مطلعة في "​الحزب العربي الديمقراطي​"، الذي من المفترض أن يكون معنياً بالمعركة على المقعد العلوي، الإفصاح عن أي موقف في الوقت الراهن، حيث تشدد المصادر، عبر "النشرة"، على أنه لن يعلن أي موقف قبل دعوة الهيئات الناخبة.

إلى جانب القوى المذكورة، هناك بعض القوى والشخصيات الأخرى التي سيكون لها دور في المعركة في حال حصولها، أبرزها الوزير السابق ​فيصل كرامي​، الذي من غير الوارد أن يكون حليفاً أو داعماً لريفي أو أحد مرشحيه، وفي الإنتخابات البلدية السابقة كان إلى جانب ميقاتي والحريري.

في المحصلة، عاصمة الشمال قد تكون على موعد مع معركة إنتخابية فرعيّة كبرى مستقبلا، بالرغم من أن غالبيّة القوى والشخصيات لا تبدو مقتنعة بحصولها، وهي تنتظر أن تحسم هذه المسألة عبر دعوة الهيئات الناخبة رسمياً لتبني على الشيء مقتضاه.