رعا وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان ​أيمن شقير​، مؤتمراً حول إنعدام الجنسية في ​لبنان​ بعنوان "الخروج من الظل: سياسة شاملة للحدّ من إنعدام الجنسية"، بدعم من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و​الإتحاد الأوروبي​ وسفارة مملكة النرويج، وبتنظيم من جمعية روّاد الحقوق، صباح اليوم في فندق الموفنبيك في ​بيروت​، بحضور الوزير شقير، وممثلة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، السيدة ​ميراي جيرار​، والمستشارة الأولى في سفارة مملكة النرويج في لبنان، السيدة آن ماري بورغفارد، والسيدة سميرة طراد، ممثّلة جمعية رواد الحقوق. كما شارك في فعاليات المؤتمر النائب الأستاذ ​غسان مخيبر​ وممثّلون عن وزارات لبنانية، وممثّلون عن سفارات وبعثات أجنبية في لبنان، وممثّلون عن منظمات ​الأمم المتحدة​ المعنية، وقضاة، ومحامون، وخبراء، وإعلاميون ومندوبون عن ​المجتمع المدني​.

طرح هذا المؤتمر للنقاش العوامل التي تساهم في إبقاء هذه الظاهرة في الظل، وواقعها اليوم والفئات الأكثر تأثراً بها. والواقع الجديد المتمثّل بخطر وقوع أطفال مولودين في لبنان في انعدام الجنسية نتيجة عدم تسجيل ولاداتهم، وكيف يمكن التعاطي مع هذه الظاهرة الجديدة عبر نظام حديث ومتطوّر لتسجيل وقوعات الأحوال الشخصية يتماشى مع المعايير الدولية ذات العلاقة. كما عالج الحلول المتاحة اليوم لمعالجة ظاهرة انعدام الجنسية ومحدودية هذه الحلول، والإصلاحات التي تستدعيها والدور الذي يمكن أن يلعبه كل الفاعلين في هذا السياق، لا سيما الإعلام، للخروج برؤيا استراتيجية وطنية شاملة لإنهاء هذه الظاهرة.

وكانت كلمة لشقير شدّد فيها على أن ظاهرة إنعدام الجنسية في لبنان شائعة وتعود إلى حقبة إنشاء ​الدولة اللبنانية​، وهي قابلة للزيادة بسبب تفشيها ضمن فئة ​اللاجئين الفلسطينيين​ و​النازحين السوريين​. فدعا الدولة االلبنانية إلى تحمل مسؤوليتها، وإلى بدء التعاون الجدّي مع المجتمع المدني، لإيجاد حلول لمشاكل تتراكم ويتوارثها الأبناء عن الآباء. كما أضاف أنه "يجب علينا دراسة هذه المشاكل من منظار القانون الدولي، وتطبيق مبادئ الاتفاقيتين الدوليتين بشأن وضع الاشخاص عديمي الجنسية وخفض حالات انعدام الجنسية، بالرغم من عدم انضمام لبنان اليهما، بعيداً عن الحسابات السياسية والديمغرافية التي أغرقنا البلد بها".

من جهتها إستهلت سميرة طراد، ممثلة جمعية رواد الحقوق، كلمتها قائلة "نحن هنا اليوم لمناقشة هذه القضية الإنسانية والحقوقية بشكل شمولي، خاصةً أن عدد المتأثّرين بهذه الظاهرة بات يفوق عشرات الآلاف. وأثنت على اهتمام الدولة اللبنانية في السنوات الأخيرة بالموضوع وعلى وجه الخصوص "تجاوبها مع مبادراتنا للحوار حوله من خلال إنشاء مجموعة العمل التي تتمثّل فيها عدة وزارات معنية".

وأضافت "أنه بعد سنوات من العمل على هذه الظاهرة من خلال الحوار المباشر مع الدولة اللبنانية حول القوانين والسياسات عن طريق مجموعة العمل، ومن خلال توعية المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته المهنية، ومن خلال المساعدة القانونية الفردية، ومن خلال التحالفات مع المجتمع المدني الذي يشاطرنا الاهتمام بالقضية، ومن خلال مبادرات وأنشطة شارك فيها كثير من المدعوين اليوم، وجدنا أن الوقت قد حان لجمع كل أصحاب الشأن معا حول طاولة واحدة لمناقشة هذه الظاهرة والخروج برؤيا استراتيجية شاملة لحلها ولإخراج عديمي الجنسية من الظل إلى عالم الوجود. ولتوقيت هذا المؤتمر بعد خاص في ظل وجود حملة عالمية تقودها ​مفوضية شؤون اللاجئين​ بهدف القضاء على انعدام الجنسية حول العالم بحلول العام 2024".

بدورها، أعلنت ميراي جيرار، ممثّلة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ان "بالنسبة للعديد من الأشخاص غير القادرين على إثبات جنسيتهم، يبدو أنهم غير مرئيين كما لو أنهم غير موجودين". "إن الحصول على الجنسية أمر طبيعي لدرجة أننا نادراً ما نفكر في الحياة التي ستكون بدونها. ولكن حتى أبسط الحقوق - أي الحق في التعليم أو الرعاية الطبية - غالبا ما تكون غير متاحة للأفراد الذين لا يستطيعون إثبات صلة الجنسية ببلد ما".

وأضافت "على سبيل المثال، ضمان تسجيل مواليد أطفال اللاجئين السوريين المولودين في لبنان سيضمن لهم الاعتراف بالجنسية السورية، وأنهم لا يصبحون عديمي الجنسية وأنهم قادرون على العودة مع أسرهم عندما تسمح الظروف في ​سوريا​".

و"نحن نرحب كثيرا بمبادرة جمعية رواد الحقوق لتعزيز المناقشات حول الحلول الممكنة لمنع وتقليص حالات انعدام الجنسية في لبنان". وختمت قائلةً أن "الحصول على الجنسية يضمن للشخص كرامته و يؤمن له حاضراً ومستقبلا".

اما المستشارة الأولى في سفارة مملكة النرويج في لبنان، آن ماري بورغفاد، فاعتبرت في كلمتها أن "كتمان الجنسية مشكلة عالمية رئيسية والنرويج ملتزمة باحترام التزاماتها كموقّع لاتفاقيات الأمم المتحدة بخصوص كتمان الجنسية ويجب أن يكون القانون والممارسة النرويجيان مطابقين للاتفاقيات. وعلى الصعيد الدولي، ستواصل النرويج دعم المفوضية وشركائها مثل جمعية رواد الحقوق والمجلس النرويجي للاجئين".

المؤتمر توصل الى الخلاصات التالية، ان إعتبار موضوع إنعدام الجنسية من الأولويات وضرورة طرحه على الاجندة السياسية والمجتمعية والإعلامية، كما التوافق على ضرورة تقييم القوانين المرعية الاجراء ودراسة تعديلاتها، إضافة الى أهمية إشراك جميع الاطراف الفاعلة سيما المشرع في النقاشات حول موضوع إنعدام الجنسية من خلال ورشة عمل وطنية متكاملة، وتسهيل الاجراءات الإدارية الخاصة بتسجيل وقوعات الاحوال الشخصية استكمالا للمبادرات التي بدأت بها المديرية العامة للاحوال الشخصية بالنسبة لللبنانيين وغير اللبنانيين، وكذلك تعزيز الوصول الى العدالة عن طريق إجراءات قضائية مبسطة مخفضة الكلفة، وإعتماد المكننة الكاملة للاحول الشخصية استكمالا للمبادراة التي بدأت بها المديرية العامة للاحوال الشخصية عبر مكننة السجلات، كما التمني على الدولة اللبنانية اتخاذ تعهدات في اللقاء الرفيع المستوى الذي تنظمه مفوضية شؤون اللاجئين في 2018 للوقاية والحد من انعدام الجنسية في لبنان لا سيما عن طريق تطوير نظام تسجيل الولادات في لبنان.