اتخذ ​مجلس الوزراء​ في جلسته التي انعقدت امس في ​القصر الجمهوري​ في بعبدا، سلسلة قرارات بينها تعيينات في مراكز الدولة. ومن بين هذه القرارات تعيين العميد ​الياس الخوري​ مديراً عاماً للاحوال الشخصية، وهو منصب قد لا "يتقاتل" عليه السياسيون الا من باب الطائفة كونه من ارفع المناصب المخصصة للمسيحيين الموارنة في الدولة في الفئة الاولى.

من لا يعرف العميد الخوري قد يتبادر الى ذهنه ان "صفقة" ما تم تدبيرها تحت جنح الظلام، ولكن من يعرف هذا الرجل، يدرك تماماً ان المسألة كانت اسهل بكثير ولا تحتاج الى صفقات. يكاد العميد الخوري يكون نقطة التقاء القوى والفاعليات السياسية في لبنان، وهو كان على مدى عقود من الزمن معروفاً لدى الجميع، ووضع وزراء الداخلية الذين تعاقبوا على تولي الوزارة ثقتهم به وكان عند حسن الظن، علماً انهم لم يكونوا من اتجاه سياسي واحد ولا ينتمون الى مرجعية سياسية واحدة، ورغم ذلك وجدوا لدى العميد الخوري كل تجاوب وتعاون، وهو نجح في تولي مهمات صعبة (في الظل) في مختلف المراكز التي تسلّمها اضافة الى منصبه كأمين سر ​مجلس الامن المركزي​ (المساهمة في وضع اقتراحات القوانين الانتخابية، الادارة العملية للانتخابات، شؤون البلديات...).

ليس هناك من تيار سياسي لبناني الا ويتواصل مع العميد الخوري، ورغم ذلك لم يغرق في دوامة "الشائعات والفساد"، وبقي ثابتاً في موقعه انطلاقاً من كفاءة تميّز بها وخبرة طويلة اصقلت قدراته وعطاءاته. لذلك، لم يجد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ووزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ اي حرج في الموافقة على تعيين العميد الخوري مديراً عاماً للاحوال الشخصية، وهو البعيد عن الشخصانية والقريب من هذا المنصب، وتالياً كان من السهل فعلاً موافقة مجلس الوزراء على هذا التعيين بسرعة نظراً الى ما يتحلى به هذا الانسان من صفات.

ستخسر مؤسسة ​قوى الامن الداخلي​ ضابطاً نزيهاً سوف يعلق بذّته العسكرية جانباً بعد ان اعطاها كل ما يملك، ولكنه سيتفرغ في المقابل لتولي مسؤولياته الجديدة، وهو سيكون حتماً، كما عرفه الجميع، جاهزاً لتلبية كل طلب محق وقانوني يصل اليه. لن يختلف العميد الياس الخوري عن العميد المتقاعد الياس الخوري المدير العام للاحوال الشخصية، وحده اللقب سيكون مختلفاً الا ان الجوهر سيبقى نفسه.

قد يعتبر البعض ممن لا يعرفون العميد الخوري ان في هذا الكلام مبالغة، وهم معذورون لانهم لم يشاهدوه على الاعلام الا نادراً، ولكنهم سيدركون عاجلاً ان ما يقال ليس كلاماً في الهواء، وسيتسنى لهم في المستقبل القريب التدقيق بما قيل، وسيكونون من مؤيدي هذا الموقف، فمبروك لنا ولهم هذا التعيين...