منذ أيام تُطرح الأسئلة حول المعركة المنتظرة في جرود بلدة عرسال، ضد الجماعات الإرهابية، بالتزامن مع أسئلة حول الأسباب والتوقيت نظراً إلى أن وجود المنظمات المتطرفة في هذه المنطقة ليس بالجديد.

على هذا الصعيد، هناك شبه إجماع في الوقت الراهن على وجود غطاء دولي وإقليمي لهذه المعركة لم يكن متوفراً في السابق، بالرغم من الإعتراضات التي تبديها بعض القوى المحلية، بالنسبة إلى الأسلوب والقوى المشاركة فيها، لكن ماذا في خفايا هذه المواجهة؟.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن بعض الفيتوات التي كانت مطروحة في السابق، لا سيما من ​الولايات المتحدة​ الأميركية والمملكة العربية السعودية، لم تعد موجودة اليوم، وبالتالي ليس هناك ما يمنع القيام بعملية عسكرية تؤدي إلى تحرير الجرود اللبنانية من الجماعات الإرهابية، لكنها تشير إلى أن هذا الأمر يأتي ضمن جو عام يسيطر على المنطقة ككل.

وتوضح هذه المصادر أن جرود عرسال جزء من معركة كبرى قائمة في المنطقة منذ أشهر طويلة، على جبهات متعددة غير موحدة، وهي لا تنفصل عن الذي حصل في مدينة الموصل العراقية أو الذي يحصل في بعض المدن والبلدات السورية المختلفة، خصوصاً ​الرقة​ و​دير الزور​ وأدلب، بعد أن باتت الحرب على الإرهاب هدفاً لمختلف القوى الإقليمية والدولية الفاعلة.

إنطلاقاً من ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن الأشهر السابقة كانت قد شهدت تسابقاً بين تلك القوى على وراثة المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، فوقعت معركة الموصل، المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي تقوده واشنطن، وجاءت معارك أخرى يقودها التحالف نفسه عبر "قوات سوريا الديمقراطية" داخل الأراضي السورية، في حين دخلت الحكومة التركية على الخط عبر عملية "درع الفرات"، بينما المحور المقابل، الذي يضم ​روسيا​ وسوريا وإيران، كان يخوض معاركه الخاصة أيضاً، أبرزها العملية العسكرية في البادية التي كانت مؤشراً على تضارب المصالح والأهداف بين واشنطن وطهران بشكل أساسي.

من وجهة نظر هذه المصادر، اليوم يمكن القول أن ضم هيئة "تحرير الشام"، أي جبهة "النصرة" سابقاً، إلى دائرة الإستهداف بات أمراً واقعاً، لا سيما أنها لم تعد ورقة رابحة لأي جهة، وبالتالي المطلوب التخلص منها أيضاً إلى جانب "داعش"، وتلفت إلى أن السعودية كانت أول من أعطى إشارات فعلية على هذا الأمر، من خلال المعارك التي خاضها "جيش الإسلام"، المدعوم من قبلها، ضد الهيئة، خصوصاً أن الأخيرة تعتبر من الفصائل المحسوبة على قطر، واليوم هناك صراع كبير على مستوى المنطقة بين الرياض والدوحة.

وتشير المصادر المطلعة إلى أنه بالتزامن جاء اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، الذي نتج عنه الإتفاق حول وقف إطلاق النار أو الهدنة في جنوب سوريا، الذي يشمل إخراج عناصر "تحرير الشام" من المنطقة نظراً إلى أن واشنطن لا تستطيع أن تضمن الإتفاق في حال إستمرار وجود الهيئة في المنطقة، وطرح سيناريوهان على هذا الصعيد: مغادرة هؤلاء العناصر إلى مدينة إدلب أو حل "الهيئة" وانضواء مقاتليها ضمن فصائل أخرى غير مصنفة إرهابية، بالتوازي مع إشتعال الجبهات في محافظة أدلب، التي تسعى أنقرة إلى السيطرة عليها، بين حركة "أحرار الشام" وهيئة "تحرير الشام".

في المحصلة، ضمن هذا السياق الواضح لقرار التخلص من "تحرير الشام" أو مكافحتها تضع المصادر إرتفاع مؤشرات إقتراب المعركة في جرود عرسال، التي تقع في محاذاة منطقة سورية من المفترض أن تكون خاضعة لنفوذ المحور الروسي السوري الإيراني، وتعتبر أن من الضروري أن تقرأ الحكومة اللبنانية جيداً هذا الواقع، وتضيف: "اليوم هناك توافق إقليمي ودولي على محاربة الإرهاب، المتمثل بـ"داعش" و"النصرة"، يجب على بيروت إستغلاله للتخلص من البؤرة القائمة داخل الأراضي اللبنانية".