أثبت المقدسيون والفلسطينيون دفاعهم وفداءهم بالأرواح ذوداً عن المسجد الأقصى، ومحاولة الإحتلال الإسرائيلي تهويد المدينة المقدّسة.

وفي اليوم الحادي عشر، لإقفال قوّات الإحتلال للمسجد المبارك، بدا واضحاً الإصرار الفلسطيني على الرفض المطلق لمحاولات حكومة الإحتلال طرح بدائل عن البوابات الإلكترونية التي نصبتها عند مدخلَيْ بابَيْ الأسباط والمجلس، بهدف الخروج من المأزق الذي دخلت فيه.

ويُصرُّ الفلسطينيون على رفض الطروحات البديلة ومنها: اقتراح الإحتلال إقامة جسور حديدية عند باب الأسباط المؤدّي إلى الحرم القدسي، تثبّت عليه كاميرات وأجهزة مراقبة أخرى كاشفة للمعادن، وتعمل بالأشعة السينية وتحت الحمراء، أو التفتيش بالهراوات المعدنية، مطالبين بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل إقفال المسجد يوم الجمعة (14 الجاري) - أي قبل تنفيذ عملية "محمد الجبارين الثلاثة".

وآخر طروحات الإحتلال، هو ما أقدمت عليه عند باب الأسباط، بإقامة ممرّات حديدية إلى جانب البوابات الإلكترونية إضافة إلى معدات حديدية أخرى.

وهذه الممرّات والمعدّات مثبتة بالأرض، وتتصل بالبوابات الإلكترونية الموضوعة عند باب الأسباط، حيث تشكّل ما يشبه الطريق إلى الحواجز بمعدّات كاملة لتفتيش المصلّين.

وتروج وسائل إعلام العدو أن "حكومة نتنياهو تسعى إلى حل وسط من خلال المراقبة بالكاميرات الذكية الإشعاعية المعلقة بدلاً من البوابات الالكترونية"، وهو ما رفضه جماهير القدس بشكل قاطع، مؤكدين على "عدم السماح بأي شكل من أشكال السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى".

إلى ذلك، شدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال اتصال هاتفي، مساء أمس، مع رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على "ضرورة إيجاد حل فوري وعاجل لأزمة المسجد الأقصى، وإزالة أسباب الأزمة المستمرة في الحرم القدسي الشريف، يضمن إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اندلاعها، وفتح المسجد الأقصى بشكل كامل".

وأكد العاهل الأردني، خلال الاتصال، على "ضرورة إزالة ما تم اتخاذه من إجراءات من قبل الطرف الإسرائيلي منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في المسجد الأقصى، وأهمية الاتفاق على الإجراءات لمنع تكرار مثل هذا التصعيد مستقبلاً، وبما يضمن احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى".

وعاد جميع موظفي السفارة الإسرائيلية في عمان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، برئاسة السفيرة عينات شلاين، عن طريق معبر "الينبي".

وعلم بأنه من ضمن الموظفين ضابط الأمن، الذي أطلق النار وقتل مواطنين أردنيين.

وأمس، عقد "مجلس الأمن الدولي" جلسة مغلقة في نيويورك بناءً على طلب من مصر، فرنسا والسويد، لبحث الأوضاع المتفجرة في المسجد الأقصى والقدس.

وذُكر أن الجلسة انتهت بعدم التوصّل إلى صيغة عملية مفيدة ومقبولة للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية بالقدس المحتلة.

وأشار مندوب فلسطين الدائم في "الأمم المتحدة" رياض منصور إلى أن "ما جرى خلال الجلسة لا يرتقي إلى مستوى ما يحدث في القدس، ولم يتوصلوا إلى أي موقف عملي بالتصدي للغطرسة الإسرائيلية التي تضرب بعرض الحائط "مجلس الأمن الدولي" وقراراته".

هذا وسيعقد المجلس جلسة مفتوحة وعلنية أمام وسائل الإعلام، تبدأ عند الخامسة من مساء اليوم (الثلاثاء) لمناقشة هذا الموضوع.

هذا، وتحاول قوّات الإحتلال استخدام مستوطنيها من أجل تخفيف الضغط عن وحداتها في المدينة المقدّسة، حيث قام المستوطنون بالعربدة في العديد من مناطق الضفة الغربية، وترهيب المواطنين الفلسطينيين، خاصة على الطرق المشتركة التي تربط المدن الفلسطينية ببعضها البعض، من خلال إغلاق بعضها بالاتجاهين، وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز على منازل الفلسطينيين، وإشعال الإطارات المطاطية في الشوارع الرئيسية.

وشهد المسجد الأقصى أمس حدثاً هاماً، تمثّل بإقدام قوّات الإحتلال على أخذ مقاسات أحد أبواب المسجد الأقصى.

واقتحم أكثر من 100 مستوطن المسجد الأقصى، من باب المغاربة، بحماية قوّات الإحتلال، ومارسوا طقوسهم وشعوذتهم التلمودية داخل باحاته.

وطالبت جماعات يهودية متطرّفة، تابعة لمنظّمات الهيكل المزعوم، وعدد من الحاخامات، الحكومة الإسرائيلية بالتوقيع على اتفاقية لرفع علم دولة الإحتلال على سطح المسجد الأقصى، بهدف إثبات الاستيلاء عليه.

وأقدمت قوّات الإحتلال صباح أمس، على طرد موظّفي الأوقاف الإسلامية، وعشرات الفلسطينيين المعتصمين في الشارع الرئيسي قرب الحي الإفريقي، المؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المجلس.

ويواصل الفلسطينيون رفضهم الدخول إلى المسجد من البوابات الإلكترونية، حيث يؤدون الصلوات الخمس عند بواباته، وتحديداً الأسباط والمجلس، وفي شوارعه على الإسفلت الحارق، وبعشرات الآلاف، على الرغم من إجراءات الإحتلال المشدّدة، ومضايقاته، وإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع بإتجاه المصلين، والاعتداء عليهم بالهراوات، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بجراح متنوعة.

كما نفّذت قوّات الإحتلال حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من المقدسيين في المدينة، إضافة إلى حملة اعتقالات في الضفة الغربية.

وشهدت المدينة المقدّسة ومناطق الضفة الغربية، مواجهات متعدّدة بين الشبان الفلسطينيين وجنود الإحتلال، الذي أطلقوا الأعيرة النارية والرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية والغازية والدخانية والمسيّلة للدموع بإتجاه المحتجين الفلسطينيين، واستخدموا سيارات ضخ المياه العادمة في محاولة لقمعهم، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بجراح وحالات اختناق وإغماء.

واقتحم المفتش العام للشرطة الإسرائيلية روني ألشيخ، برفقة العشرات من ضبّاط شرطة الإحتلال، أمس، القدس القديمة، وقام بجولة بأسواق البلدة القديمة، متفقداً الإجراءات الأمنية المشدّدة لشرطة الإحتلال، التي أقدمت منذ ساعات الصباح على إبعاد المعتصمين عند بابي الأسباط والمجلس.

كما تفقّد رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، منطقة باب الأسباط.

من جهتها، أكدت المرجعيات الدينية والوطنية والأهلية الفلسطينية "التمسّك بالموقف الموحّد الرافض لجميع إجراءات سلطات الإحتلال، ومحاولات الإلتفاف بطرح بدائل تمس حرية العبادة والسيادة الإسلامية على المسجد الأقصى، وأي محاولات اختراق الموقف الراهن الموحّد".