لم تنته معركة جرود ​عرسال​ بعد، رغم انكسار "​جبهة النصرة​" وانحسارها في مساحة جغرافية ضيّقة لا تتجاوز 12 كلم. مربع بعد ان كانت تسيطر على 90 كيلومتر مربع من مجمل الجرود.

على وقع اصوات القذائف الصاروخية زارت "​النشرة​" ​جرود عرسال​ وتحديدا التلال الحاكمة فيها بعد ان استعاد "​حزب الله​" السيطرة عليها. من جرود يونين كانت الانطلاقة وتحديدا من الطرقات الترابية التي شقّها الحزب تمهيدا للمعركة، والتي تصل التلال والوديان بعضها ببعض، فمررنا بجرود نحلة، وبساتين أشجار الكرز والمشمش التي "وضعت" ثمارها تحتها بعد ان فقدت الامل من إمكانية قطفها.

الى اللامكان وصلنا، الى أرض صخرية قاحلة لا تصل العين الى نهاية لها. هنا جرود عرسال، يقول احد ضباط المقاومة المرافقين لنا، مشيرا الى ان المساحات الشاسعة التي نراها لم يكن فيها تواجدا عسكريا، فالنصرة كانت بشكل أساسي متواجدة على "التلال الحاكمة"، والى هناك كانت الوجهة.

وصلنا على "عزف" القذائف الى تلة القنزح، المطلة على منطقة الكسارات، ومنها الى تلة القريّة المطلة على بلدة عرسال اللبنانية. منها كانت "النصرة" تشن هجومها على مواقع ​الجيش اللبناني​ المحيطة بعرسال كما علمت "النشرة"، كذلك شنت هجوما من نفس المكان على البلدة اللبنانية يوم خطف جنود الجيش اللبناني.

اكثر من مئة كيلومتر قطعناها على طرقات جرود عرسال المتشابهة، شاهدنا فيها بأم العين آليات المقاومة تملأ الشوارع الترابية، مموهة بقصد تارة وبـ "غبار" أبيض تارة أخرى، ومواقعها المنتشرة على كل تلة، مجهزة بكامل عتاد الصمود والبقاء، فالمهمة حسب أحد المقاتلين تنتهي مع اعلان تحرير الجرود بشكل كامل، مؤكدا انهم "على استعداد للبقاء في جرودهم الى ما شاء الله".

تابعنا طريقنا باتجاه التلة الاكبر والابرز في جرود عرسال، إنها "ضهر الهوّة" يقول أحد المقاومين، لافتا النظر الى ان طولها يصل الى 2 كيلومتر، كاشفا أنها شهدت معركة ضارية بين أصحاب الحق والارهابيين واحتاجت المعركة فيها الى 11 ساعة لتحريرها، كاشفا أن عليها غرفة شبه مدمرة، موصولة بنفق سري، ومنها تمكن أحد قناصي "النصرة" من ضرب المقاومين. يصمت المقاوم برهة، يبتسم ويمشي أمامنا الى نقطة مجاورة، "هنا تقفون مكان استشهاد احد أبطال المقاومة، لقد كمن له ارهابي في نفق، اطلقا النار على بعضهما البعض فقتل الارهابي واستشهد المقاوم"، يقول المقاتل في حديث لـ"النشرة".

أشار مصدر عسكري في المقاومة الى ان سرعة سيطرة "حزب الله" على التلال المرتفعة فاجأت الجميع، مؤكدا لـ"النشرة" ان مجموعات من مسلّحي "جبهة النصرة" رمت سلاحها وفرّت نحو المخيّمات في ​وادي حميد​، كاشفا ان هذه الفئات بالاضافة لسرايا اهل الشام ستشملها التسوية مستقبلا.

بعد معارك قاسية خاضها "حزب الله"، بدأ التنسيق والاستعداد لمواجهة جزّاري "داعش" فيما تبقى من جرود لبنانية محتلة، على امل ان ينتقل مشهد رايات النصر من جرود عرسال، الى كامل الجرود اللبنانية المحتلّة.

تصوير ومونتاج عباس فقيه