لفت سفير ​الصين​ الشعبية في ​لبنان​، ​وانغ كيجيان​، إلى أنّ "في عام 2016، حقّق ​الإقتصاد الصيني​ نسبة نمو 6.7% ليصبح في طليعة اقتصادات العالم. وكانت مساهمة الإقتصاد الصيني في نمو الإقتصاد العالمي تتجاوز 30%. وتجاوز حجم اقتصاد الصين الإجمالي للعام الماضي 11 ترليون دولار أميركي. ولكن، ما زالت الصين أكبر دولة نامية في العالم ولا يزال هناك عدد كبير من الفقراء".

وأشار كيجيان، في حفل استقبال أقامه على شرف اللبنانيين الّذين شاركوا في الورشات والدورات التدريبيّة في الصين، إلى أنّ "مساعدة الدول الأخرى على التنمية المشتركة، إحدى الأعمال الّتي تشتغل بها الصين بثبات"، منوّهاً إلى أنّ "في الفترة ما بين عامي 1950 و2016 وفي ظلّ مستويات التنمية ومعيشة الشعب للصين غير عالية، قامت الصين بتقديم مساعدات خارجيّة يتجاوز حجمها 400 مليار يوان الصيني (حوالي 58 مليار دولار أميركي) وتنفيذ أكثر من 5000 مشروع مساعدة بكلّ أنواعه وإقامة أكثر من 11 ألف دورة تدريبية لتؤهّل أكثر من 260 ألف متدرب من الدول النامية".

ونوّه إلى "أنّني أودّ أن ألقي الضوء على موضوع آخر ومهمّ، وهو مبادرة الحزام والطريق. في عام 2013، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة بناء الحزام الإقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وباختصار مبادرة الحزام والطريق. وبعد نحو 4 سنوات من التطوّر، لقد تحوّلت هذه المبادرة من تصوّر مبدئي إلى مفهوم غني المضامين، ومن مبادرة التعاون إلى أعمال ملموسة"، مشيراً إلى أنّ "مبادرة الحزام والطريق تقوم على أساس التساوي والتشاور بين الجهات المشاركة. لقد لقيت تجاوباً ومشاركة إيجابيّة من قبل أكثر من 100 دولة ومنظمة، وحصدت تباشيرها الوافرة. وخلال الفترة ما بين 14 و15 أيار من العام الحالي، أقيم منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين حيث تمّت مراجعة التقدمات للتعاون في إطار الحزام والطريق وتوصل جميع الأطراف إلى رؤية مشتركة، الأمر الّذي أرشد التعاون الدولي المستبقلي في الإطار".

وأوضح أنّ "طريق الحرير القديم كان يسجّل التغييرات والتقلّبات التاريخيّة عبر آلاف السنين، ويبقى شاهداً للصداقة التقليديّة بين الصين ولبنان"، مبيّناً أنّ "لبنان يعدّ إحدى المحطات المهمّة الواقعة على طريق الحرير القديم، وهو من أوائل ​الدول العربية​ الّتي اعترفت بالصين الجديدة بعد تأسس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الصينية اللبنانية عام 1971، تتزايد وثاقة العلاقات الثنائية يوماً بعد يوم، وسجّل التعاون الثنائي في المجالات كافّة، تطوّراً مستمرّاً بفضل الجهود المشتركة من قبل الجانبين"، مؤكّداً أنّ "لبنان يقع في الطرف الغربي للخطّ الوسطي للحزام والطريق، ويحتلّ موقعاً متميّزاً في خارطة الدول المطلّة عليه. لذلك، يمثّل لبنان شريكاً طبيعيّاً لبناء الحزام والطريق"، مبيّناً أنّ "المبادرة لقيت تجاوباً إيجابيّاً من أوساط المجتمع اللبناني المختلفة، حيث عبّر القادة اللبنانيون مرّات عدّة عن استعداد لبنان للمشاركة في بنائه. بالإضافة إلى ذلك، لقد بدأ لبنان إجراءات الإنضمام إلى البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية(AIIB). فهناك إمكانيّة كبيرة وآفاق واسعة للتعاون الصيني اللبناني في إطار الحزام والطريق".

من جهته، أكّد مدير عام وزارة الإعلام الدكتور ​حسان فلحة​، أنّ "هذا اللقاء الّذي يجمعنا اليوم يؤكّد صوابيّة المسار الّذي تتّخذه العلاقة الطيّبة بين لبنان وجمهورية الصين الشعبية، وتؤكّد حسن التفاعل والتعاون والتآزر بين البلدين الّتي تجمع بينهما نقاط مشتركة متشابهة رغم الفروقات في الحجم والمساحة وتعداد السكان"، مشدّداً على أنّ "الغنى الثقافي والعلمي والتربوي والإجتماعي والفني والأدبي يبقى الأساس في تمتين العلاقات بين الدول الّتي لا يمكن أن تحصل إلّا من خلال تعزيز الأسس الجوهرية لهذه العناصر، إلى جانب العلاقات السياسيّة والأمنيّة والتجاريّة والإقتصاديّة. ولا يمكن أن نرتقي بهذه العلاقات إلّا من خلال تعزيز ثقافة الحوار والتبادل الحضاري القائمة على زرع المفاهيم والقيم الإنسانية بين الشعوب".

ولفت إلى أنّ "الصين كانت من الدول الرائدة في العالم الّتي سعت إلى تحقيق هذا الهدف النبيل الّذي هو أساس جوهر وجود لبنان الّذي شكّل جسراً بين الشرق والغرب ومحوراً حيويّاً للتفاعل بين الشعوب على كثرة تنوّعها واختلافاتها وتعدّدها ولبنان بلد فريد من نوعه، صغير بالمساحة والحجم وفاعل جدّاً كرسالة إنسانيّة ودور لا يستهان به في تعزيز التفاهم بين الشعوب، ولا سيما مع وجود ​الإغتراب اللبناني​ "نحن في لبنان طلبنا العلم وسعينا وراء الرزق على امتداد جهات العالم كافة، وقد طلبنا العلم ولو في الصين. من هنا تأتي هذه النشاطات والجهود لتصب في خدمة التقارب الصيني اللبناني وفي شد روابط الصداقة الصينية - اللبنانية. وفي هذه المناسبة لا بدّ من الإشادة بالمواقف والجهود الّتي تتّخذها الصين بالوقوف إلى جانب القضايا العربية المصيريّة وفي طليعتها قضية ​فلسطين​ الّتي هي قضية العرب وقضية الانسانية جمعاء، فضلاً عن دعم لبنان بمواجهة الإعتداءات الاسرائيلية. وهذه المواقف تعزّز فرص السلام والأمن الدوليين من خلال هذه السياسة البناءة الّتي تعتمدها".

أمّا مستشار رئيس مجلس الوزراء ​سعد الحريري​ لشؤون الشمال عبدالغني كبارة، فأوضح أنّ "الصين بالنسبة إلى لبنان هي الخيار الآخر أو النموذج الجديد الّذي يمكن أن يعطي للبنان مزيداً من الإستقرار ومزيداً من الإنماء والإعمار"، مبيّناً أنّ "خطّ الحرير سيكون واقعاً بفترة قريبة وليست بالبعيدة جدّاً، لأنّنا نسعى جديّاً بكلّ الوسائل لكي نحقّق هذا العمل المشترك الّذي من شأنه أن يعطي لبنان بعداً جديداً في الحقبة الحديثة، ولكن هذا البعد كان موجوداً تاريخيّاً وقد كان للبنان الدور الفاعل في محيطه العربي والشرق أوسطي، أن وجود الصين في لبنان سيعيد الدور الاستراتيجي الجغرافي إلى لبنان ومن خلاله سنتمكن من أن يعود لنا الدور الذي فقدناه في المرحلة الماضية".