لم يكن مرور أمين عام ​حزب الله​ السيد حسن نصرالله في اطلالته الأخيرة التي خصصها للحديث عن معركة ​جرود عرسال​، مرور الكرام على مسألة مصير "داعش" عن عبث في المنطقة. فالحزب على ما يبدو يستبعد المواجهة مع التنظيم المتطرف وان كان يستعد لها كأحد الخيارات. الا ان السيناريو الأبرز الذي يرجحه حزب الله، فتسوية تقضي بانسحاب عناصر التنظيم الى الداخل السوري، ليبقى سيناريو أخير يقول بتولي ​الجيش اللبناني​ زمام المعركة معه.

فبعكس ما توقع كثيرون، لا قرار لدى قيادة حزب الله حتى الساعة بفتح المعركة على "داعش" قبل الانتهاء من عملية تطهير المناطق التي كانت تحتلها "​جبهة النصرة​"، علما أنّه وبحسب مصادر معنية، فالحزب كان يستعد لأي طارىء كتوحيد المجموعات الارهابية صفوفها في الجرود لمواجهته متحدة، بالرغم من انّه كان يستبعده أيضا. ويعول حزب الله حاليا على ان يكون "داعش" أخذ العبرة مما حل بـ"النصرة" فيُقدم على تقديم التنازلات اللازمة التي تتيح له الانسحاب الى احدى مناطق سيطرته في ​سوريا​. الا ان أحد أبرز شروط انطلاق التفاوض الجدّي معه، هو الكشف عن مصير العسكريين المختطفين، وفق ما أكدت المصادر، لافتة الى ان هذا الشرط واضح وواحد لكل من حزب الله و​الدولة اللبنانية​.

وبحسب المعلومات، فان اي تفاوض رسمي لم ينطلق بعد مع "داعش" بعكس ما هو حاصل مع "النصرة". وتقتصر النقاشات الحاصلة على عدد من المتطوعين الذين يحاولون ان يكونوا صلة وصل بين التنظيم وقيادات في حزب الله كما مسؤولين لبنانيين، علما ان هذه النقاشات لم تفضِ بعد الى اي معطى يمكن البناء عليه. وتؤكد مصادر مختلفة غياب اي اشارة بخصوص مصير العسكريين اللبنانيين، عما اذا كانوا احياء او شهداء، او اذا كانوا لا يزالون في الجرود او في الداخل السوري.

ومع استبعاد الحزب خيار فتح المعركة قريبا مع "داعش"، لفت في الساعات الماضية ما تم تداوله بخصوص استعدادات الجيش اللبناني لتولي المهمة، وان كان اي مصدر عسكري لم يؤكد هذه المعلومات. وفي هذا السياق، ترجح المصادر تقدم أسهم هذا الخيار نتيجة الضغوط السياسية التي تعرضت لها ​المؤسسة العسكرية​ مؤخرا "لجهة حثها على وجوب ان تتحمل هي أوزار المعركة كاملة وتحييد حزب الله عنها، علما انّها كانت تنتظر الضوء الاخضر منذ سنوات، وكان الفيتو السياسي هو الذي يمنعها من خوض غمار المواجهة".

ومع انضمام عشرات عناصر "النصرة" في الايام الماضية الى صفوف "داعش" بعد مبايعتهم اياه جراء خسارتهم المدويّة بوجه حزب الله، لا تستبعد المصادر المعنية بشؤون الجماعات المتطرفة ان يُقدم عناصر آخرون في الايام المقبلة على خطوات مماثلة بعدما ضاقت خياراتهم كثيرا. وتشير المصادر في هذا الاطار الى تقارب التنظيمين في ​القلمون​ على مستوى الأفكار والصلات الشخصية، باعتبار ان النصرة في المنطقة هناك هي "الجناح الأكثر تطرفاً في الجبهة"، الا ان مصادر مقربة من حزب الله لا تزال تستبعد هذا الخيار "من منطلق انّه تم سفك الدماء بينهما أكثر من مرة في اطار السعي لبسط نفوذ أحدهما في المنطقة على حساب الآخر".

بالمحصلة، سواء جمعت المصيبة "داعش" وما تبقى من "النصرة" او غلب العداء المتجذر بينهما على مصلحتهما المشتركة، يبدو أن أيامهما معدودة في جرود عرسال أيًّا كان المسار الذي ستسلكه الامور او الفريق الذي سيتولى انهاء وجودهما.