تخبط الإحتلال الإسرائيلي، الذي لم يتحمل الهزيمة النكراء التي مني بها، بعد الانتصار الذي حققه الفلسطينيون بأن كسروا جبروته برفضهم لشروطه، وإجباره على تنفيذ مطالبهم العادلة والمحقة.

وبات واضحاً بأن الانتظار الذي حققه المقدسيون والفلسطينيون، بالعودة للصلاة داخل ​المسجد الأقصى​ وساحاته الداخلية، سيؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة معه، لن تنتهي إلا بزواله عن الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أمس كان يوماً تاريخياً، ليس في مسار المسجد الأقصى المبارك، بل بتاريخ الأمة العربية والإسلامية، حيث دخل المصلون إلى باحات المسجد الأقصى مهللين مكبرين، فاتحين كما دخلها صلاح الدين، وذلك بعد 13 يوماً من إغلاقه، وفرض قيود على المصلين بنصب بوابات الكترونية وكاميرات ذكية، وممرات أمنية وهو ما رفضه الفلسطينيون رفضاً قاطعاً وأكدوا على رفض محاولة الإحتلال فرض سيادته وشروطه على المسجد المبارك.

قدم الفلسطينيون الغالي والنفيس من أجل مقدساتهم، وأثبتوا أن الدماء الغالية تهون في اللحظات المفصلية دفاعاً في الذود عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، فتسابقوا في تقديم الأرواح، والانطلاق في تظاهرات احتجاجية والتأكيد للإحتلال أنهم جسد واحد في مختلف المناطق الفلسطينية ولن يسمحوا له باستمرار غطرسته.

وفقد الإحتلال صوابه بعدما دخل عشرات آلاف المصلين إلى باحات الأقصى، بعد اجباره العودة إلى ما قبل 14 تموز الجاري، برفع الإجراءات التي استحدثها كافة.

وبعد دخول المصلين وأداء صلاة العصر، جن جنون جنود الإحتلال، الذين اعتدوا عليهم بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، والضرب بالهراوات، ما أدى إلى وقوع أكثر من 100 إصابة، جرت معالجاتها من قبل "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني".

وأقدمت قوات الإحتلال على محاصرة المصلين في المسجد الأقصى، الذين أصروا على أداء صلاة العشاء، على الرغم من اقدام قوات الإحتلال على قطع التيار الكهربائي عن محيط المسجد الأقصى، واقتحام المصلى القبلي، حيث شرعوا بتحطيم أبوابه للوصول إلى المرابطين وإخراجهم.

وقامت قوات الإحتلال باعتقال عشرات المصلين.

واندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الإحتلال والشبان الفلسطينيين، أطلقت خلالها قنابل الصوت، ما أدى إلى إصابة صحفي.

كما اندلعت مواجهات في العديد من المناطق المحيطة بالمدينة المقدسة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الإحتلال.

وأوعز رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو بتعزيز قوات الشرطة في ​القدس​ بقوات من "حرس الحدود" قبيل صلاة اليوم (الجمعة).

عصر أمس أدى عشرات الآلاف الصلاة داخل المسجد الأقصى، وفي باحاته التي غصت بالمصلين، وامتزج الفرح الفلسطيني بلحظة النصر ودموع الفرح والابتهال والدعاء والشكر لله عز وجل على هذا النصر، فتراصوا جنباً إلى جنب صغاراً وكباراً ومن مختلف الاعمار، ومن القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948، بعدما استمر الإحتلال بمنع أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول والصلاة في الأقصى.

قرار الدخول إلى الأقصى، وتحديد الصلاة الأولى بعد العصر، كان للتأكد من خلوه من جنود الإحتلال وإزالة كافة اجراءاته التعسفية وهو ما أكده حراس وموظفو المسجد

المبارك، بانتظار أن تنجز لجنة من الخبراء المهنيين المتخصصين مهمتها بالاطلاع على ما إذا كان الإحتلال قد أقدم على سرقة أو العبث بالملفات الموجودة داخل المسجد، التي تعود إلى الأوقاف والمحكمة الشرعية، وأيضاً إذا ما زرع أجهزة تنصت أو كاميرات خفية داخله.

في المقابل، فإن ذيول الهزيمة التي مني بها الإحتلال وسعت دائرة الخلافات ليس فقط بين المسؤولين السياسيين والأمنيين، بل داخل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة وأيضاً بين قادة الأجهزة الأمنية والشرطة، وهو ما يتوقع أن تكون له ذيول خلال الفترات المقبلة.

واستمر الإحتلال بتحميل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسؤولية ما جرى داخل القدس والضفة الغربية، متهمين إياه مجدداً بـ"التحريض" والدعوات إلى المشاركة في التظاهرات، ومنها الدعوة غداً ليوم غضب مع حشد في المسجد الأقصى.

وقد رفض الرئيس عباس الاجتماع مع مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط جيسون غيرنبلات بالادعاء أن هذه الاجتماعات لا تقدّم شيئاً واكتفى بأن عقد غرينبلات اجتماعاً مع أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.

وللمرة الأولى إعترف المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن السلطة الفلسطينية أوقفت التنسيق الأمني تماماً للمرّة الأولى منذ سنوات عدّة.

وأن الرئيس عباس أمر "قوات الأمن" بعدم منع المتظاهرين، وأن التنظيم الذي ترأسه حركة "فتح"، هو من دعا إلى النفير والطلب بالتصدي لقوات الإحتلال.

وأبدى المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون، خشية من تفجر انتفاضة جديدة انطلاقاً من القدس والضفة الغربية، وبدعم من حركة "فتح" وتغطية الرئيس عباس، وإحتمال ان

يكون لذلك تداعيات تتجاوز الأراضي الفلسطينية إلى أماكن متعددة، حيث يتواجد فلسطينيون وعرب ومسلمون.

وثبت أن كافة الوسائل الأمنية التي استخدمها الإحتلال، سواء عبر كاميراته أو أجهزة المراقبة، والتعقب لم تعطِ ثمارها المرجوة لأن الشباب كانوا هم يخططون وينفذون ما يقررون.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مساء أمس، عن استشهاد الشاب محمد كنعان (26 عاماً) في "مجمع فلسطين الطبي"، متأثراً بجراح أصيب بها.

وأفادت الوزارة، أن الشاب كان قد أصيب برصاص الإحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات التي اندلعت في بلدة حزما بالقدس قبل 3 أيام.

من جهته، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن "سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق بحادثة السفارة الإسرائيلية بعمان، واستقباله للحارس الذي قتل اثنين من الأردنيين مرفوض".

وأوضح خلال ترؤسه اجتماع مجلس السياسات الوطني، أن "نتنياهو مطالب بالالتزام بمسؤولياته واتخاذ الإجراءات القانونية التي تضمن محاكمة القاتل، وتحقيق العدالة، بدلاً من التعامل مع هذه الجريمة بأسلوب الاستعراض السياسي بغية تحقيق مكاسب سياسية شخصية".

فيما طالب نتنياهو، بإعدام منفذ عملية مستوطنة (حلميش) عمر العبد، التي قتل فيها 3 مستوطنين قبل أسبوع في المستوطنة الواقعة غرب رام الله.

وقال نتنياهو، خلال زيارته لعائلة المستوطنين القتلى: إنه "حان الوقت لتفعيل قانون إعدام منفذي العمليات، هذا موجود في القانون ونحن بحاجة لإجماع القضاة على ذلك".

وأضاف: "يريدون معرفة موقف الحكومة، رأيي كرئيس حكومة في مثل هذه الحالة، يجب إعدام منفذ العملية، يجب أن لا ندعه يبتسم مرة أخرى".