بعد اقل من 24 ساعة، يحل الاول من آب على ​لبنان​ حاملاً معه محطات عدة، والاهم انه سيحمل ايضاً تغييرات جديدة علنية، انما لنهج قديم قرر ​الجيش اللبناني​ السير عليه منذ انشائه وحتى اليوم. لسنا من الذين يقفون خلف الجيش في المناسبات فقط ونطلق الكلمات الرنانة والجميلة ارضاء للبعض او لمناخ عام، فهؤلاء لا وقع لكلامهم ولو انه يصب احياناً قليلة لصالح ​المؤسسة العسكرية​، فالولاء مطلوب في كل حين، والوفاء يتجلى بأبهى حلله حين يكون على مثال ما يقوم به الجيش في مهماته دون تفضيل بين طائفة واخرى او جهة سياسية واخرى...

في الاول من آب 2017، امران لن يتغيرا: ذكرى عيد الجيش، وتخريج ضباط ​المدرسة الحربية​. فالذكرى ثابتة بطبيعة الحال، اما التخريج فأصبح تقليداً منتظراً لتخريج افواج جديدة من اللبنانيين الذين اختاروا تفضيل الوطن والمواطن على انفسهم. ولكن، سيشهد هذا التاريخ تغييرات اخرى مهمة، واولها سيكون طبعاً ترؤس رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ حفل تخريج الضباط بعد غياب رئاسي عن هذه المناسبة لثلاث سنوات متتالية، وهو خطوة معنوية مهمة للضباط المتخرجين كما للبنان حتماً.

الامر الثاني الذي سيحمله هذا التاريخ، هو استعداد الجيش للقيام بأول عملية حدودية لحماية لبنان، وشاءت الصدف ان تكون تلك المنطقة هي البقاع وان يكون العدو تنظيم "داعش" ​الارهاب​ي. وللتذكير فقط، فإن هذا العدو هو نفسه الذي سخّرت دول العالم ترساناتها الحربية وكل ما تملك من تكنولوجيا واسلحة حديثة للقضاء عليه، واقامت تحالفات دولية في سبيل ذلك، ودفعت مليارات من الدولارات للقضاء عليه، وسقطت امامه جيوش عديدها أضعاف عديد الجيش اللبناني، فيما يبلغ تمويل هذا التنظيم الارهابي ارقاماً لا يحلم بالوصول اليها الجيش اللبناني.

واذا كان من امر محسوم، فهو ان هذه البقعة الجغرافية من لبنان ستتحرر من دنس الارهاب والاجرام، وعلى امل ان يتم ذلك دون دخول الجيش في معركة لان كل شهيد من الجيش يساوي 10 اضعاف هذا التنظيم ومن يضمّه من قيادات وعناصر مرتزقة، الا انه في حال حصول المعركة فالنتيجة ستكون محسومة وستكون صلوات اللبنانيين ان يتم ذلك بأقل قدر ممكن من الخسائر البشرية في صفوف الجيش، فيما ضباط وعناصر هذه المؤسسة العسكرية لن يكون امامهم سوى هدف واحد، وهو القضاء على هذا التنظيم من اجل ضمان امن واستقرار لبنان واللبنانيين.

في الاول من آب 2017، ستخرس اصوات مطلقي السهام على الجيش، وسيركبون موجة التعاطف والتأييد التي اطلقها اناس صادقون ويعرفون تماماً قيمته ودوره في بقاء لبنان، فيما استفاد منها البعض من اجل "تبييض" صورتهم القاتمة سياسياً ووطنياً.

من المؤسف فعلاً الا يكون عيد الجيش عيداً وطنياً، ليس للاستفادة من يوم اقفال للادارات الرسمية والخاصة، بل كتحية جامعة من لبنان الى جيشه على غرار ​عيد الاستقلال​، فماذا ستؤول اليه حال لبنان دون وجود الجيش؟ ولكن، ومع ذلك، سيكون على الموعد، وان التغييرات التي تفرضها الظروف والتطورات في المنطقة، لم ولن تغيّر نهجاً قديماً سار عليه وجعله شعاره الدائم اي "شرف، تضحية، وفاء" وهو النهج الذي تميّز به وجعله محط ثقة للجميع داخل لبنان وخارجه، والنقطة المشتركة التي تجمع حولها ابناء الوطن.

الى الجيش في عيده باقة من اجل الامنيات والتقدير، واكليل من الغار يكلل به انجازاته وتضحياته، واعتذار ضخم باسم اللبنانيين لما يقوم به البعض من اصحاب المصالح من تهجّم وتطاول عليه دون الاخذ بالاعتبار انه يمثّل جميع اللبنانيين والوطن بأكمله.

الجيش ولبنان، اسمان لجوهر واحد، فلا قيمة لاحدهما دون الآخر، عيد مبارك للجيش عيد مبارك للبنان.