هذا الأول من آب ليس ككل أول من آب، هو مكتمل البدر على كل المستويات:

تاق اللبنانيون إلى رئيس قوي للجمهورية، فكان لهم هذا الرئيس القوي.

تاقوا إلى رئيس حكومة جريء في اتخاذ القرارات، فكان لهم رئيس الحكومة الجريء.

تاقوا إلى قائد للجيش آتٍ من خلف متاريس ​جرود عرسال​، إبن الميدان والجبهات، فكان لهم قائد الجيش الإستثنائي هذا.

تاقوا إلى دورة حياة عادية وسط الأعاصير والبراكين، فكانت لهم حياة عادية تتحدى الإستثناء:

150 مهرجاناً سياحياً في 90 يوماً، وهذا ما لا يحدث في أي بلد في العالم، وكأنَّ بعض السياسيين يتحوّلون في موسم الصيف إلى أدلاّء سياحيين.

***

هذا في الجانب المضيء، لكن في الجانب المُظلم هناك تحديات تبدأ في ​جرود القاع​ و​رأس بعلبك​ ولا تنتهي بزيادة الأقساط المدرسية.

صحيحٌ أنَّ المسؤولين يتدرجون في اهتماماتهم من القضايا الإستراتيجية إلى القضايا الأقل أهمية، لكن بالنسبة إلى المواطنين العاديين فإنَّ القضايا الإستراتيجية مهمة، ولكن تهمهم أيضاً وأيضاً أمورٌ كثيرة:

فالطبابة والإستشفاء شأن استراتيجي.

وأقساط المدارس شأن استراتيجي.

وتأمين فرص عمل شأن استراتيجي.

وتأمين مساكن لجيل الشباب شأن استراتيجي.

وتوفير الكهرباء بطريقة غير متقطعة شأن استراتيجي.

وتوفير إنترنت سريعة شأن استراتيجي.

ومعالجة ازدحام السير، إلى حد الإختناق، شأن استراتيجي.

ووضع حد ل​أزمة النفايات​ المسببة لشتى أنواع ​الأمراض​، شأن استراتيجي.

ووضع حد لمداخلات السياسيين في الإدارة وفي ​القضاء​، شأن استراتيجي.

كل ما سبق تعداده هو غيضٌ من فيض ما يُقلق اللبنانيين، فليست جرود القاع و​جرود رأس بعلبك​ هي التي تقلقهم، وقد أصبح هذا القلق في مراحله الأخيرة، فالأمن مستقرٌ لأنَّ هناك مؤسسات وإدارات أمنية تمسك الوضع جيداً:

من ​المؤسسة العسكرية​، إلى ​قوى الأمن الداخلي​، إلى الأمن العام، إلى ​أمن الدولة​، هذه القاعدة المربّعة الأضلاع هي التي تعطي الثقة للمواطن على المستوى الأمني والعسكري.

***

حكومة الرئيس الحريري تعمل منذ حزيران الفائت على كلِّ الملفات التي تقضُّ مضاجع المواطن، ومن المفترض أن تجرى ​الإنتخابات النيابية​ وتستقيل الحكومة، لكن مع ​التمديد​ الثالث لمجلس النواب حتى أيار المقبل، فإنها ستبقى موجودة حتى ذلك التاريخ، والقرار في يدها. وحتماً ستكون حكومة مكتملة الأوصاف لتستطيع النهوض بالبلد حتى أيار المقبل، كما يريدها الرئيس الشاب ​سعد الحريري​، بدليل أنَّ الجهود التي بذلها في ​واشنطن​ تُظهر أنَّه رئيس حكومة قوي سيعمل كلَّ ما بوسعه من أجل أن يتمكن لبنان من تجاوز كل القطوعات على كل المستويات.