بعد التنسيق الأمني الكبير الذي رافق عملية التبادل بين "​حزب الله​" و"​جبهة النصرة​"، وتوقيع وزير المالية ​علي حسن خليل​ على معاملة تمويل اتفاقية استجرار الكهرباء من ​سوريا​ بعدما أحالتها اليه مؤسسة كهرباء ​لبنان​، يستعد وزراء ​الزراعة​ والصناعة والمالية لزيارة دمشق تلبية لدعوات رسمية.

تلقى وزيرا الزراعة والصناعة، ​غازي زعيتر​ و​حسين الحاج حسن​، دعوة من وزير الاقتصاد والتجارة السوري محمد سامر الخليل لزيارة سوريا في 16 آب الجاري، للبحث في ملفات تجارية وزراعية تهم البلدين، كما تلقى وزير الماليّة علي حسن خليل دعوة من رئيس الحكومة السورية ​عماد خميس​ لزيارة دمشق، دون ان يُحدد موعدها بعد، ولكنها بحسب ما كشفت مصادر مطلعة لـ"النشرة" ستكون زيارة سياسية في النصف الثاني من هذا الشهر، مع العلم ان زعيتر وجه دعوة لنظيره السوري لزيارة لبنان في الأيام المقبلة.

في هذا السياق ترى مصادر في ​قوى 8 آذار​ ان العلاقة مع سوريا لم تنقطع يوما، وبالتالي لا يجب استغراب زيارات الوزراء اللبنانيين الى دمشق. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "من يتابع رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ سيجد أن مواقفه وخصوصا في الفترة الأخيرة تكاد لا تخلو من الحديث عن العلاقة مع سوريا وضرورة تفعيلها لما فيه خدمة للبنان"، مشيرة الى أن بري تحدث في إحدى جلساته مؤخرا عن أهمية العلاقة التي لم تتوقف يوما، مستشهدا بأزمة الموز والحمضيات، كاشفا أنه أرسل يومها نائبا لزيارة رئيس البرلمان والحكومة، ناقلا تحياته للرئيس السوري بشار الأسد، وطالبا منه حل الازمة، وهكذا حصل اذ سُمح يومها للشاحنات أن تدخل الى سوريا.

وتضيف المصادر: "نحن ننسّق مع سوريا أمنيا، وهي تدفع اثمانا كبيرة للدفاع عنا عبر موافقتها على استقبال ارهابيين، ومساهماتها بصفقات تبادل الأسرى"، مشيرة الى "أننا نتفهم حساسية البعض من هذه العلاقة، ولكننا في حكومة وحدة وطنية ويوجد مصلحة للبنان بحل الازمات الكبيرة بالتنسيق مع سوريا، وتحديدا ملف النازحين الذي لا يمكن حله بمعزل عن الجانب السوري".

وتكشف المصادر أن وزير الزراعة تطرق لـ"الدعوة" التي وصلته لزيارة سوريا خلال الجلسة الأخيرة ل​مجلس الوزراء​، وبالتالي فقد أصبح المجلس على علم بها، مؤكدة أن الزيارات ستحصل، معتبرة ان هذا الامر لن يمنع "المصطادين" بالماء العكر من محاولة التشويش على الزيارة، سائلة: "هل يحتاج الوزير لإذن خطي لتلبية الدعوات التي تصل اليه، وإن كان كذلك هل استحصل كل الوزراء على الإذن في سفراتهم وزياراتهم، وما هو معيار الموافقة او الرفض"؟.

بالمقابل، يستمر تيار "المستقبل" على موقفه الرافض لأي تنسيق مع سوريا، وهو في هذا الإطار يفرّق على لسان قيادييه بين زيارات الوزراء "الشخصية" وتلك "الرسمية"، معتبرا أن الثانية بحاجة لتكون بقرار من مجلس الوزراء لان الوزير سلطة مستقلة بإدارة شؤون وزارته ولكن بالشؤون الخارجية لا يمكن ان يغرد لوحده.

وفي نفس السياق يعتبر عضو المكتب السياسي في ​تيار المستقبل​ ​مصطفى علوش​ أن "أي زيارة رسمية او غير رسمية للنظام السوري هي امر غير مقبول أخلاقيا أولا، لاننا نذهب للقاء شخص قد يذهب الى المحكمة الدولية بسبب جرائمه ضد الإنسانية، وسياسيا ثانيا، لأن مثل هذه الزيارات تخالف منطق الإجماع الوطني". ويضيف علوش: "انا ضد أي تنسيق له علاقة ب​بشار الاسد​". اما بالنسبة لملف النازحين فلا يرى علوش أن حل هذه القضية يكون عبر التنسيق مع سوريا، اذ ان دمشق قد اعلنت ان همها حاليا "اعادة الاعمار"، وهم لا يتحدثون عن النازحين. ويقول: "السبب الرئيسي للنزوح لم ينته وهو الحرب والخوف من الموت، والحل الوحيد لعودتهم هو بموت الاسد او تخليه عن السلطة او إيجاد تسوية تؤمن للنازحين مناطق آمنة يعودون اليها".

لا يتعبر علوش أن زيارات الوزراء الى سوريا ستفجّر الحكومة، لان رئيس مجلس الوزراء ​سعد الحريري​ يدير البلد "بالتي هي احسن"، خصوصا وان حل مشكلة سوريا ليس بيد اللبنانيين.

فهل تمر الزيارات كغيرها من عمليات التنسيق اللبناني السوري، ام أن المعترضين لن يكتفوا برفع الصوت كما في كل مرة؟!.