لم يعد خافياً ان ما يجري بين "​الموارنة​ الاربعة الكبار" اي ​التيار الوطني الحر​ و​القوات اللبنانية​ والكتائب والمردة هو صراع نفوذ واحجام ومصالح وتعيينات ونفوذ ومحازبين وشد عصب الى آخره من صنوف العمل السياسي والتنافس المشروع. فمن كان يعتقد مارونياً، ان لا امكان ان يتلاقى القوات والتيار تأكد انه مخطئ عندما اجتمع العماد ​ميشال عون​ والدكتور ​سمير جعجع​ في ​معراب​ ذات ليلة لاعلان "ورقة النوايا" فكانت هذه الورقة "دفشة" اضافية لعون ليكون في 31 تشرين الاول 2016 رئيساً للجمهورية اللبنانية. اراد جعجع ومنذ ذلك التاريخ ان يقبض ثمن هذه "الدفشة" في الحكومة وعدد الوزراء والفعالية الحكومية والمشاريع الانمائية واستلام ورقة "الدفاع" عن المسيحيين التي يقبض عليها تيار ​جبران باسيل​ البرتقالي منذ العام 2005. وحتى التعيينات التي منى النفس بها جعجع وفريقه الوزاري لم تحصل حتى الآن وبقيت كل احلام القواتيين صريعة "جوارير" الامانة العامة ل​مجلس الوزراء​ حيث لم يمر ولا مشروع حتى الساعة للقوات وما مر منها لا يكاد يكون شكلياً وروتينياً ومن حواضر العمل في كل وزارة. ملف الكهرباء بدوره كان اكثر الملفات سخونة بين الطرفين وخطوط التوتر العالي التي يفترض ان تؤمنها البواخر وترت الاجواء بين الطرفين وهي لا تزال متوترة فمن يكسب الرهان؟ من يريد صفقة من شركة واحدة فقط وبتلزيم برقم خيالي فضائي؟ ام من يريد ان يكون مجلس الوزراء سيد نفسه وفي كل الامور وان لا يمر اي ملف من دون ان تطلع كل القوى الممثلة في الحكومة عليه وان تفنده وتشرحه ذرة ذرة وخلية خلية وتفصيلا تفصيلا؟

حتى الساعة لم تصل امور البواخر الى خواتيمها السعيدة، ودخلت التعيينات على خط التوتر العالي مجدداً وخصوصاً المسيحية منها. من المحافظين الى التعيينات الاعلامية في وزارة الاعلام في ​تلفزيون لبنان​ و​الوكالة الوطنية للاعلام​. ويقال ان المعركة على اشدها بين جبران باسيل و​ملحم الرياشي​ ومن رائهما الرئيس ميشال عون والدكتور جعجع فكل فريق يريد ان تكون له حصة الاسد في ​التعيينات الادارية​ والاعلامية وفي كل مرافق الدولة. بعدما حسم الرئيس عون وباسيل امر التعيينات الامنية والدبلوماسية وحققا المبتغى ومعلوم ان كل عهد جديد يكون له الكلمة الفصل في امر تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات والقيادات الامنية والسفراء في الخارج والبعثات الدبلوماسية وخصوصاً من خارج الملاك وهذا يعني ان لعون الكلمة الفصل في كل التعيينات المسيحية والمارونية خصوصاً. فلا يعود للقوات الا القتال على تعيينات المحافظين والتعيينات الاعلامية وبعض التعيينات الادارية المتبقية في الفئة الاولى.

في المقابل تشكلت "جبهة معارضة" لا بأس بها من المسيحيين الآخرين وعلى رأسهم ​حزب الكتائب​ والمسيحيون المستقلون ك​بطرس حرب​ وغيره من نواب وشخصيات ​14 آذار​ المسيحية ويقارعون اليوم الثنائي المسيحي القوات وعون في كل الملفات الداخلية وليس آخرها الطعن الذي يتحضر لمواجهة ​سلسلة الرتب والرواتب​ بغض النظر عن النتائج التي ستحققها هذه الجبهة في الايام المقبلة وفي الاسابيع والاشهر مقبلة.

في الموازاة لا يستهان بالثقل السياسي الذي يمثله الوزير ​سليمان فرنجية​ والذي يرفض حلفاؤه امل وحزب الله ان يتم تجاوزه في كل التفاصيل الداخلية من الحكومة التي تشكلت الى قانون الانتخاب الى التعيينات الادارية والامور الانمائية والاشغال فهذا يعني ان الخلاف اذا وقع بين القوات والتيار سيكون امام باسيل وعون مواجهة كل القوى المسيحية التي ستتكتل ضدهما رغم ان هذه الحرب ستكون على شكل حروب صغيرة لن يتمكن في نهايتها احد من اقصاء احد او تهميشه او الغائه.