بعد أن سيطر السباق إلى مدينة الرقّة والحدود السوريّة العراقيّة على مجمل التطورات الإقليمية، بين مختلف القوى الساعية إلى وراثة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، في الأشهر السابقة، توحي جميع المعطيات أن الوجهة المقبلة لهذا السباق ستكون محافظة ​دير الزور​.

على هذا الصعيد، تبرز أكثر من جهة ساعية لأن تكون المسيطرة على المحافظة بعد إنهاء وجود "داعش"، أبرزها ​الجيش السوري​ الذي كان قد نجح مؤخراً في السيطرة على مدينة السخنة، بالإضافة إلى كل من "​قوات سوريا الديمقراطية​" التي تخوض المعارك في مدينة ​الرقة​ في الوقت الراهن، بالإضافة إلى فصائل من ​المعارضة السورية​ متحالفة مع ​الولايات المتحدة​ الأميركية.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الفصائل المتحالفة مع ​واشنطن​ ليست ذات توجه موحد، نظراً إلى إنخراط بعضها في مشروع الـ"CIA" من خلال غرفة عمليات "الموك"، الذي كان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ قد أعلن وقفه، وهي "جيش أسود الشرقية" و"جيش الشرقية" و"أحرار الشرقية"، في حين أن "جيش مغاوير الثورة" بقيادة ​مهند الطلاع​، الذي يتمركز في قاعدة التنف على الحدود السورية العراقية، منخرط في مشروع آخر مدعوم من ​وزارة الدفاع الأميركية​ وقيادة ​التحالف الدولي​.

وتوضح المصادر أن هذه الفصائل كانت قد شكلت لجنة مشتركة مفوضة باتخاذ القرار المناسب لتحديد الجبهة الأمثل عسكرياً وجغرافياً للانطلاق منها نحو دير الزور، إلا أن "مغاوير الثورة" عادت إلى الإنسحاب منها لاحقاً، بالرغم من أن اللجنة كانت قد حددت الجبهة الجنوبية في البادية بوصفها الخيار الأفضل لها، مع العلم أنه بالتزامن تم الحديث عن أن قيادة "مغاوير الثورة" تبحث مع الجانب الأميركي الإنتقال إلى منطقة الشدادي في جنوب ​الحسكة​ جواً، للإنتقال منها نحو دير الزور، خصوصاً أن تواجدها في التنف بات من دون فعالية تذكر نتيجة حصاره من جانب الجيش السوري وحلفاؤه.

وعلمت "النشرة" أن في تفاصيل الخلاف حول اللجنة المذكورة اعتبار "المغاوير" عدم وجود ممثل لها فيها، حيث أن الشخص الذي كان يقال أنه يمثلها كان يعمل بصورة مستقلة، كما أن "أسود الشرقية" هو صاحب فكرة إنطلاق المعركة من محور البادية بشكل رئيسي، لكن الخطة التي يتم الحديث عنها لا تزال مجرد مشروع لا أكثر، بسبب تقديم الفصائل لها من دون تنسيق مع أي جهة داعمة، بالرغم من عملها ضمن غرفة عمليات "الموك"، لكن المشكلة الأساس تكمن بمرور طريق هذه الفصائل عبر منطقة يسيطر عليها الجيش السوري، سرية ​الوعر​، حيث تطرح علامات إستفهام حول ما إذا كانت أي جهة داعمة ستقبل تغطية القتال مع الجيش السوري لفتح الطريق أم لا.

في الإطار نفسه، تكشف المصادر نفسها عن مشكلة أخرى بين "مغاوير الثورة" و"قوات سوريا الديمقراطية" حلفاء الولايات المتحدة، حيث أن الأولى تريد أن يكون عملها إنطلاقاً من الشدادي بالتعاون مع التحالف الدولي لكن دون التنسيق مع "قوات سوريا الديمقراطية"، في حين أن الثانية ترفض أن يكون هناك أي عمل عسكري في هذه المنطقة لا يكون تحت لوائها، وهي أيضاً راغبة في الذهاب نحو دير الزور، إلا أن الأوضاع العسكرية المعقدة التي تمر بها ربما لا تساعدها على ذلك، فهي لم تنجح حتى الساعة في حسم ​معركة الرقة​ من جهة، وتواجه تهديدات تركية خطيرة من جهة ثانية.

وفي حين ترى المصادر أنه سيكون على واشنطن في المقبل من الأيام حسم التوجهات بين حلفائها، لا سيما أن هذه الخلافات قد تؤدي إلى إخراجها من المعادلة لهذه المعركة المهمة، تشير إلى أن الجيش السوري في المقابل يتحرك على أكثر من محور للوصول إلى دير الزور، وهو كان قد أطلق عملياته العسكرية منذ فترة طويلة.

على هذا الصعيد، توضح أوساط متابعة لسير المعركة من الجانب السوري، عبر "النشرة"، أن الجيش وحلفاءه يعملون على 3 محاور أساسية لتحقيق أهدافهم هي: من مدينة السخنة في ​ريف حمص​ الشرقي، من جنوب شرق الرقة باتجاه ريف دير الزور الغربي، ومن الوعر والبعاجات في جنوب شرق دير الزور، وتؤكد بأن المحور السوري الإيراني الروسي يملك الأرجحية في هذا السباق، نظراً إلى النجاحات التي يحقهها في الميدان، في حين أن المحور المقابل يعاني من خلافات بين أركانه.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الهمس عن إمكانية حصول تعاون بين المحورين، من خلال تفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا، لا يمكن الحديث عنه في الوقت الراهن، إلا أنها تشير إلى ان المعركة في دير الزور تكتسب دون أدنى شك أهمية بارزة.

في المحصلة، السباق إلى دير الزور يشتعل في المرحلة الحالية، تماماً كما كان عليه الوضع في أي منطقة يسيطر عليها "داعش"، إلا أن الأيام المقبلة سوف تكشف تفاصيل هذه المعركة الإستراتيجية.