احتجاجاً على ما إعتبره تجاوزاً لصلاحيات المجلس والوزراء جماعياً وإفرادياً، ورفضاً لما وصفه بـ"إمتناع الرئاستين الأولى والثالثة عن توقيع مرسوم كان أقره ​مجلس الوزراء​، ووقعت بموجبه اتفاقية الهبة المقدمة من ​البنك الدولي​ لمختلف قطاعات ​وزارة التربية​"... غادر وزير التربية مروان حماده جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وبدأت أوساطه تسرب معلومات مفادها أن مشكلته هي مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ووزراء ​التيار الوطني الحر​، ووزير التربية السابق ​الياس بو صعب​، حتى أن المعلومات تفيد بأن حماده روى في إتصاله مع رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ أنه ترك الجلسة بعدما قال له رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ "نريد أن نسأل الوزير بو صعب عن الموضوع" وهذا ما نفى حصوله أكثر من مصدر وزاري جملة وتفصيلاً.

وبحسب المصادر الوزارية المتابعة، مشكلة حماده الأساس في مرسوم الهبة المخصصة لدعم مناهج الوزارة عبر المركز التربوي ودعم هيكليتها البنيوية والبشرية ومساندة مشروع تعليم الأولاد غير اللبنانيين، هي مع رئيس الحكومة لا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وما حصل فعلياً هو أن الحريري لم يوقع المرسوم الموقع من حمادة ووزير المال علي حسن خليل ولم يحله الى رئيس الجمهورية لتوقيعه، وذلك لإكتشافه أن نصه ناقص مقارنةً مع ما إتفق عليه في جلسة مجلس الوزراء، الأمر الذي جعله مخالفاً لما نصت عليه مفاوضات وزارتي المال والتربية في عهد الوزير بو صعب مع البنك الدولي مقدّم الهبة، ومخالفاً أيضاً للمرحلة الأولى من المشروع والتي تضمنت قرضاً من البنك الدولي، وجاءت متلازمة من حيث التنفيذ مع المرحلة الثانية.

كل ما في الأمر أن الحريري قال لحماده قبل مغادرته الجلسة، "لقد تبين لنا أن المرسوم صدر ومن دون تضمينه جملة أساسية تؤكد الإلتزام بالقوانين اللبنانية لا سيّما لناحية المؤسسات العامة، لِنُعِدْ طرحه على مجلس الوزراء بعد العودة الى محاضر الجلسة التي أقر بها قبول الهبة، ولنصحح ما يجب تصحيحه به كي يصبح قانونياً" غير أن وزير التربية إعتبر كلام رئيس الحكومة إستهدافاً لعمله وقرر ترك الجلسة.

وبما أن حماده إتصل بعد تركه الجلسة برئيس ​اللقاء الديمقراطي​ النائب ​وليد جنبلاط​ وبرئيس مجلس النواب نبيه بري للتوسط لدى الحريري، تضع أوساط وزارية بارزة أن ما حصل يأتي من ضمن الخلاف السياسي القائم بين ​تيار المستقبل​ و​الحزب التقدمي الإشتراكي​، ومن ضمن الرسائل التي يعمد الحريري الى توجيهها بين الحين والآخر لقيادة الحزب الإشتراكي، خصوصاً أنه لم يحاول حتى إقناع وزراء التيار بتمرير المرسوم كما يريده حماده أي من دون التعديل الناقص الذي أدخل نتيجة إعتراضات وملاحظات وزراء التيار، وعلى رأسهم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.

إذاً مهما حاول حماده وجنبلاط التوسط لدى بري، "فمرسوم الهبة لن يصدر إلا كما يجب أن يصدر" يقول وزير في تكتل "التغيير والإصلاح"، وأي محاولة لإخضاع المركز التربوي للبحوث أو غيره من المؤسسات العامة المستقلة لأي وزارة كما يريد حماده، لن تمر بعد اليوم".