على الرغم من مشاركة أبرز مكونين في قوى الرابع عشر من آذار في الحكومة الحالية، التي يرأسها زعيم "​تيار المستقبل​" ​سعد الحريري​، لدى البعض في هذا الفريق، لا سيما الشخصيات التي تعتبر من المنظرين له، العديد من الملاحظات حول ما يحصل على المستوى السياسي، أبرزها يتعلق بما يعتبرونه سيطرة "​حزب الله​" على مختلف مقدرات ​الدولة اللبنانية​ وسعيه إلى صرف دوره الإقليمي في الساحة المحلية.

ضمن هذه الشخصيات من يصنف في دائرة "المستقلين"، إلا أن بعضها الآخر هو من المحسوبين على تيار "المستقبل" لكن لديه ملاحظاتعلى أداء رئيس الحكومة، الذي، من وجهة نظرها، يقدم الكثير من التنازلات دون مقابل منذ لحظة تبنيه مرشحي ​8 آذار​ ل​رئاسة الجمهورية​، وبعد ذلك التركيبة التي تم على أساسها تشكيل الحكومة ومن ثم قانون الإنتخاب.

على هذا الصعيد، تشير مصادر مطلعة إلى أن هناك من بدأ يطرح من ضمن هذه الشخصيات فكرة المقاومة المدنية الشاملة، نظراً إلى أن الإستمرار في السياسة الحالية، القائمة على الصبر والإنتظار، تحت شعار الحفاظ على الإستقرار الداخلي لم يعد ينفع، حيث أن الفريق الآخر يستفيد من هذا الواقع للتغلغل في كامل مفاصل الدولة، بينما قوى الرابع عشر من آذار غير قادرة على القيام بأي أمر، باستثناء الحصول على بعض المكتسبات من خلال لعبة المحاصصة، مع العلم أن حتى هذا الأمر لم يعد يحصل بالشكل الذي كان عليه في السابق.

وتوضح هذه المصادر أن تلك الشخصيات تعتبر أن من يمثل فريقها السياسي في الحكم اليوم يتعامل على أساس أن المحور الذي ينتمي اليه على مستوى المنطقة "منهزم"، في حين أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، لأن الصراع لا يزال في بداياته على عكس ما يظن الكثيرون، إلا أن سياسة الإستسلام والتسليم بالأمر الواقع، في التعاطي مع "حزب الله"، ستقود إلى هذه النتيجة الحتمية، وتضيف: "على مستوى المنطقة هناك صراع على النفوذ لا يزال قائماً، بل أن حدته ارتفعت مع وصول الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ إلى السلطة، ومن الواضح أن هناك توجهاً لحصار النفوذ الإيراني ما يعني أن ليس من الممكن الذهاب إلى تسليم "حزب الله" كل مقدرات البلد".

تلك الشخصيات التي لا تتردد في الحديث عما يدور في رأسها من أفكار، بحسب ما تؤكد المصادر المطلعة، ترفض المعادلة التي تقول بأن الطريقة التي يدار بها النزاع قادرة على الحفاظ على الإستقرار الداخلي، بل هي على عكس من ذلك تعتبر أن تداعياتها ستكون أكبر مستقبلا، وتشير إلى أن المقبل من الأيام سيكون هو الأصعب، نظراً إلى أن الحزب لن يكتفي بالمكاسب التي يحققها على المستوى السياسي، بل سيطلب المزيد في كل مرة، ويضع على رأس قائمة أهدافه السعي إلى عودة العلاقات مع الجانب السوري إلى سابق عهدها، والدليل ما يحصل اليوم من نقاشات في الأروقة السياسية، في حين أن اللبنانيين سيدفعون الثمن، لا سيما في ظل التهديدات الأميركية بفرض المزيد من العقوبات، بالإضافة إلى أن بعض ​الدول العربية​، خصوصاً الخليجية، قد تذهب إلى أخذ المزيد من الإجراءات في حال إستمر الوضع على ما هو عليه.

بالنسبة إلى تلك الشخصيات، ما تخشى عليه قيادات قوى الرابع عشر من آذار اليوم لن تكون قادرة على الدفاع عنه في المستقبل، وبالتالي لا يمكن التخلي عن كل شيء بانتظار التسوية الكبرى على مستوى المنطقة، لأنها ستنطلق من ميزان القوى الفعلي الذي لا يُبشر بالخير، وبالتالي من الضروري الذهاب سريعاً لمراجعة ما حصل للبناء عليه قبل فوات الآوان، خصوصاً أن هناك من يسعى إلى الإستفادة من هذا الأمر لتعزيز نفوذه.