مع تطوّر التكنولوجيا لم تعد الحرف التي يتقنها كبار السنّ موجودة كالسابق في كل قرية وحي، فالصناعات التراثية باتت "نادرة" وتتلاشى، وأصبح التفتيش عمّن يعمل في هذه الحرف كمن يبحث عن "إبرة" في كومة قش، هكذا شعرت "النشرة" خلال بحثها عن "صانع" كراسي القش.

في محل من محلات ​طرابلس​ القديمة، يمارس عمران مكاري مهنة صناعة كراسي القشّ القديمة، تعلّم هذه الحرفة من والده الذي ورثها عن أجداده الذين أسسوها منذ ما يزيد عن 217 عاماً.

من يقصد طرابلس بحثاً عن هذه الحرفة لا يمكن إلا أن يقصد هذا المكان الذي يقع على قارعة الطريق في تلك المنطقة التي تعاني من الحرمان الشديد. لا ينكر أبو عمران أن "هذه الحرفة التي علّمها لأولاده باتت ضعيفة جدا ويندر وجودها في زمن طغت على صناعة القشّ، صناعة الخيزران والبلاستيك".

يشرح أبو عمران أن "القشّ الذي يستعمل في صناعة الكرسي نوعان أحدهما نستورده من ​تايوان​ و​ماليزيا​ وهي البلاد الاستوائية، والآخر موجود بجانب الانهر في ​لبنان​ وفي الحالتين وبعد إحضاره نقوم بتجفيفه ليصبح بلونه الحقيقي، ومن ثمّ نضعه حوالي الساعة في المياه لنقوم بتقشيشه في صناعة الكراسي".

لا يخفى على أحد أن "هذه الحرفة التي باتت نادرة في لبنان بدأت تختفي شيئاً فشيئاً بعد أن بدأ العمل بكراسي الخيزران والبلاستيك التي هي أقلّ كلفة بكثير من كراسي القشّ". وهنا يلفت عمران الى أن "أهمية كراسي القشّ تكمن بعمرها الطويل"، شارحاً في نفس الوقت أن "هذه الصناعة تداعت مع الوقت بسبب عدم إهتمام الدولة بها أو حتى بالمساعدة على تصديرها الى الخارج".

لا يزيد عدد العاملين في هذه الحرفة اليوم عن أشخاص قلّة في لبنان، فهذه الصناعة "التراثية" تتجه للزوال إن لم يحصل العاملون فيها على "الدعم"... فهل تستجيب الدولة؟!