تأثر ​اقتصاد​ المملكة العربية السعودية بشكل فاضح بـ"لعبة" خفض انتاج ​النفط​، وزادت الحروب الدائرة في المنطقة "الطين بلة"، فتكلفة الحرب على ​اليمن​ التي انطلقت في آذار عام 2015 قاربت وحدها "الألف" مليار دولار، وهذا ما جعل السعودية تُنفق من أوصولها الخارجية التي انخفضت من 737 مليار دولار في آب 2014 إلى 529 مليارا نهاية عام 2016، الامر الذي دفع بالمسؤولين الى اتخاذ اجراءات ضريبية قاسية.

تشير مصادر مطّلعة على الوضع السعودي الى أن العجز في ميزانية المملكة بلغ ارقاما خيالية تختلف تماما عن تلك التي تنشرها ​وزارة المالية​، اذ ان تكاليف الحروب الضخمة لم تدخل بحساب النفقات، ورغم ذلك بلغ العجز الرسمي في ميزانية العام 2017، 198 مليار ريال سعودي أي ما يقارب الـ53 مليار دولار أميركي. وتضيف المصادر: "بعد الخسائر المالية الكبيرة عمدت المملكة على فرض ضرائب هي الاولى من نوعها في هذا البلد، الأمر الذي جعل آلاف الأجانب يغادرونها بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة، لافتة النظر الى أن من الاجراءات الضريبية المفروضة حديثا، ضريبة تصاعدية على "مرافقي" المقيمين، وفيها يتوجب على "رب" الأسرة العامل في السعودية أن يدفع شهريا 100 ريال عن كل فرد في عائلته المرافقة له، وهذا المبلغ يتضاعف سنويا لغاية عام 2020، ليصبح 400 ريال شهريا عن الشخص الواحد، أي ما يقارب 106 دولارات أميركية.

وتقول المصادر: "لم تكتف الادارة السعودية بفرض ​الضرائب​ على المقيمين الأجانب، بل عمدت الى زيادة اسعار السلع الاستهلاكية الثانوية بنسبة مئة بالمئة، فأصبح سعر علبة السجائر 24 ريالا بدلا من 12 ريالا، وعبوة مشروب الطاقة مثلا 12 ريال بدلا من 6 ريالات"، مشيرة الى أن الزيادة الضريبية قسمت ظهر الطبقة المتوسطة السعودية اذ لم يرافقها زيادات في ​الأجور​، الامر الذي جعل السعوديون يتذمرون ويطالبون بطرد الأجانب من وظائف المملكة وتوفير الأجور العالية التي تُعطى لهم، وتخفيض الضرائب على السعوديين".

لم يكن الشعب السعودي مهتما بحجم الاجور التي يتقاضاها الاجانب، اذ ان احتياجاتهم كانت مؤمنة دوما، اما اليوم فباتوا ينظرون بحسد الى الأجنبي الذي يتقاضى الآف الريالات شهريا، وهذا ما جعل ​الحكومة السعودية​ تتدخل وتطلب من أصحاب الشركات الخاصة توظيف سعوديين في وظائف الفئة الأولى لديهم. وفي هذا السياق تكشف المصادر أن الامر لم يقتصر فقط على الوظائف بل طال "الرواتب التقاعدية" للأجانب، مشيرة الى ان أحد العاملين في المملكة منذ أربعين عاما انتظر راتبه التقاعدي 14 شهرا قبل ان يفقد الامل ويغادر المملكة دون الحصول عليه.

بالاضافة الى ما سبق من ضرائب تنوي الحكومة السعودية فرض ضريبة على دخل السعوديين والاجانب عام 2020، كذلك تنوي بدءا من العام المقبل تطبيق ضريبة الـ"tva"، بنسبة 5 بالمئة على جميع السلع الاستهلاكية ما عدا الضرورية منها. وتؤكد المصادر أن هذه الضرائب بالاضافة الى زيادة رسوم "​الطيران المدني​" ورسوم "المخالفات المرورية"، ورسوم مرور المركبات المسافرة، وغيرها من الضرائب ستغطي قسما من عجزها ولكنها ستؤدي الى مغادرة الاجانب الذين لن يتحملون الزيادات الضريبية بحقهم.

تحاول المملكة تطبيق "الرؤية" الاقتصادية 2030 التي تعتمد بشكل أساسي على التحرر من "النفط" كمغذٍّ اول للخزينة السعودية، ولكن اذا استمر الإنفاق الحالي لفترة طويلة، فهل سيصمد الإقتصاد السعودي حتى ذلك التاريخ؟.