لم يعد الإنكار مجدياً، ومَن يُصرّ على البقاء في حالة انفصال عن الواقع، يدفن رأسه في الرمال، فلا يرى ولا يُرى. وهذا هو حال مَن لا يعترفون بوجود حكومة سورية، تنظم معرضاً دولياً ضخماً يتسابق إليه العارضون والمستثمرون و​رجال الأعمال​ والتجار من نحو خمسين بلداً ومئات الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتي تعمل في مجال الإعمار.

لقد شكّل ​معرض دمشق الدولي​ التاسع والخمسون، حدثاً نوعياً، له دلالاته الكثيرة، إنْ لجهة التوقيت أو لجهة حجم المشاركة الدولية والعربية الكثيفة. وكما هو واضح، التوقيت ليس مصادفة، فالتحضيرات للمعرض بدأت منذ أشهر عديدة، أيّ قبل أن يحقق ​الجيش السوري​ إنجازاته الكبيرة باستعادة مناطق ومساحات واسعة كانت تحت احتلال المجموعات ​الإرهاب​ية، ما يؤكد أنّ هذه الإنجازات حصلت عن سبق تخطيط، ويثبت قدرة سورية على إنجاز المهام التي تضعها في رأس سلم أولوياتها، للدلالة على رسوخ دعائم الدولة القوية، ولإيصال رسالة إلى العالم أجمع، بأنّ الحرب الإرهابية الكونية على سورية، تضع أوزارها، بفعل ميزة الصمود والثبات السوريين.

كما أنّ المشاركة اللافتة لشركات ومؤسسات دولية وعربية في معرض دمشق الدولي، تنطوي على ثقة كبيرة ب​الدولة السورية​. وهذا إنجاز بحدّ ذاته، يشكل كسراً للحصار المفروض على سورية منذ سبع سنوات، كما يؤشر إلى بداية مرحلة جديدة، فشل إعلام الدول الداعمة للإرهاب في تقويضها أو تهديدها.

معرض دمشق الدولي انطلق، وقد رعاه الرئيس د. ​بشار الأسد​، وسط مشاركة رسمية من دول عدة، بينها ​لبنان​، وممثلي مئات الشركات ورجال الأعمال الى جانب أعضاء في ​الحكومة السورية​، وهذه الانطلاقة تمثل تدشيناً لمرحلة جديدة، لا وجود فيها لوباء «الشهود العيان» والمعارضات الذين جمعتهم الدول الراعية للإرهاب كأداة في مشروع إسقاط سورية. كما أنّ هذه المرحلة الجديدة تنهي مرحلة سوداء عاث الإرهاب فيها دماراً وخراباً وقتلاً وجزاً لأعناق السوريين وقطعاً لأرزاقهم. وتنهي أيضاً حقبة سوداء سمتها الغدر ونكران الجميل من قبل بعض اللبنانيين الذين توهّموا بسقوط الدولة السورية، وتثبت مصداقية حلفاء سورية الذين وثقوا بقدرتها على الصمود والانتصار ولم تحبط عزائمهم الصعاب والجعجعات.

وعليه فإنّ معرض دمشق الدولي إلى استهدافاته الاقتصادية والسياحية والاستثمارية يحمل بعداً سياسياً، وقد نشهد تبدّلات جذرية في مواقف دول رعت الإرهاب وموّلته. خصوصاً أنّ سورية قطعت شوطاً متقدّماً في الحرب ضدّ الإرهاب، وأفشلت مخططات ومشاريع دولية وإقليمية. وما هو لافت أنّ الإرهاب الذي يتقهقر في سورية يطلّ برأسه في ​برشلونة​ الاسبانية وفي رفح الفلسطينية، في اليوم ذاته الذي تشهد فيه سورية تظاهرة اقتصادية تحمل كلّ تجليات ومعاني الانتصار، وهذا ما يؤكد صحة وصدقية ما أعلنه الرئيس الأسد خلال سنوات الحرب من أنّ الإرهاب الذي يضرب في سورية يهدّد العالم كله، ولا بد أن ينقلب على صانعيه.